للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تَقُولُ: حَسْبِيَ اللهُ، وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) وفي رواية أحمد: "يقولون: سرقت، ولم تسرق، زنيت، ولم تَزْن، وهي تقول: حسبي الله"، وفي رواية الأعرج: "يقولون لها: تزني، وتقول: حسبي الله، ويقولون لها: تسرق، وتقول: حسبي الله"، ووقع في رواية خلاس: "أنها كانت حبشية، أو زنجية، وأنها ماتت، فجرّوها، حتى ألقوها"، وهذا معنى قوله في رواية الأعرج: "تُجَرَّر". (فَقَالَتْ أمُّهُ)؛ أي: أم الصبيّ، (اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْني مِثْلَهَا، فَتَرَكَ الرَّضَاعَ، وَنَظَرَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْني مِثْلَهَا، فَهُنَاكَ)؛ أي: في ذلك المكان؛ أو: في ذلك الوقت (تَرَاجَعَا) الأم والصبيّ، (الْحَدِيثَ، فَقَالَتْ) الأم: (حَلْقَى) وفي بعض النسخ: "فقالت: يا بُنيّ حَلْقَى"، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: معنى تراجعا الحديث: أقبلت على الرضيع تحدثه، وكانت أوّلًا لا تراه أهلًا للكلام، فلما تكرر منه الكلام عَلِمت أنه أهل له، فسألته، وراجعته. انتهى.

وقولها: "حَلْقَى" مقصور، غير منوَّن، مثل سكرى، ومن المحدثين من ينوّن، وهو الذي صوّبه أبو عبيد، قال: معناه: أصابه الله تعالى بوجع في حلقه، فهو دعاء على الولد، وقال ابن الأنباريّ: ظاهره الدعاء على نفسها، وليس بدعاء، وقال غير أبي عبيد: "حلقى" مثل غضبَى: أي: جعلها الله كذلك، والألف ألف التأنيث، وقال الأصمعيّ: هي كلمة تقال للأمر يُتعجّب منه: عقرى، وحلقى، وخَمْشَى: أي: يعقر منه النساء خدودهنّ بالخدش، ويحلقن رؤوسهن للتسلُّب على أزواجهنّ لمصائبهن، ومن التعجب في حديث الطفل الذي تكلم في المهد، فقالت له أمه: "حلقى"، أفاده في "المشارق" (١).

(مَرَّ رَجُلٌ حَسَنُ الْهَيْئَة، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهُ، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، وَمَرُّوا بِهَذِهِ الأَمَة، وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا، وَيَقُولُونَ: زَنَيْت، سَرَقْت، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ -: أي: اللَّهُمَّ اجعلني سالِمًا من المعاصي، كما هي سالمة، وليس المراد مثلها في النسبة إلى باطل تكون منه بريئة (٢). (قَالَ) الصبيّ مبيّنًا سبب


(١) "مشارق الأنوار" ١/ ١٩٧.
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٠٨.