للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يأخذ بحقو المستجار به، ثم أسند على سبيل الاستعارة التخييلية ما هو لازم للمشبَّه به، من القيام، فيكون قرينة مانعة من إرادة الحقيقة، ثم رُشحت الاستعارة بالقول، والأخذ، وبلفظ الحقو، فهو استعارة أخرى، والتثنية فيه للتأكيد؛ لأنَّ الأخذ باليدين آكَد في الاستجارة من الأخذ بيد واحدة. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي ذكره القاضي عياض، والطيبيّ من أن الكلام من باب المجاز، لا من الحقيقة غير مقبول؛ بل الجواب أن نؤمن بما جاء عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ونُثْبته على مراد الله تعالى.

وقد كتب بعض المحقّقين (١) على هامش "الفتح" في هذا المكان كلامًا حسنًا، فقال: ومن خير ما يقال في هذا المقام قول الشافعيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: آمنت بالله، وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقول شيخ الإسلام - رَحِمَهُ اللهُ - في "نقض التأسيس، (٣/ ١٢٧): "هذا الحديث في الجملة من أحاديث الصفات التي نصّ الأئمّة على أنه يُمرّ كما جاء، ورَدّوا على من نفى موجبه". انتهى.

وخلاصة القول: أن الواجب على العاقل تجاه آيات الصفات، وأحاديثه أن يُمِرّها، كما جاءت، ويُثبتها على ظواهرها، وينزّه الله - عَزَّ وَجَلَّ - عن التشبيه، إثباتًا بلا تمثيل، وتنزيهًا بلا تحريف، ولا تعطيل، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

ثم رأيت لابن أبي جمرة - رَحِمَهُ اللهُ - كلامًا أعجبني، قال - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "قامت الرحم، فقالت": يَحْتَمِل أن يكون بلسان الحال، ويَحْتَمِل أن يكون بلسان المقال، قولان مشهوران، والثاني أرجح، وعلى الثاني فهل تتكلم كما هي، أو يخلق الله لها عند كلامها حياةً، وعقلًا؛ قولان أيضًا مشهوران، والأول أرجح؛ لصلاحية القدرة العامّة لذلك، ولمَا في الأَوَّلَين من تخصيص عموم لفظ القرآن والحديث بغير دليل، ولمَا يلزم منه من حصر قدرة القادر التي لا


(١) هو: الشيخ عبد الرَّحمن بن ناصر البرّاك.