للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يحصرها شيء. انتهى كلام ابن أبي جمرة - رَحِمَهُ اللهُ - (١)، وهو كلام نفيسٌ ينبغي أن يُكتب بماء الذهب، والله تعالى أعلم.

(فَقَالَت) الرحم: (هَذَا مَقَامُ)؛ أي: مكان (الْعَائِذِ) بالذال المعجمة: أي: المستجير، والمعتصم بك (٢)، (مِنَ الْقَطِيعَةِ)؛ أي: أن يُقطع.

وقال في "الفتح": قوله: "هذا مقام العائذ بك من القطيعة" هذه الإشارة إلى المقام؛ أي: قيامي في هذا مقام العائذ بك، ووقع في رواية الطبريّ: "هذا مقام عائذٍ من القطيعة"، والعائذ: المستعيذ، وهو المعتصم بالشيء، المستجير به. انتهى (٣).

(قَالَ) الله - عَزَّ وَجَلَّ -: (نَعَمْ)؛ أي: هذا مقام العائذ بي، فـ "نعم" حرف إيجاب مقرّرٌ لِمَا سَبَق، استفهامًا كان، أو خبرًا. (أَمَا) بفتح الهمزة، وتخفيف الميم: أداة استفتاح، وتنبيه، مثلُ "ألا"، والهمزة للاستفهام، على سبيل التقرير لِمَا بعد "لا" النافية (٤). (تَرْضَيْنَ) خطاب للرحم، (أَنْ) مصدريّة، (أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ) بأن أعْطِف عليه، وأحسن إليه، فهو كناية عن عظيم إحسانه، (وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟) فلا أعْطِفُ عليه، فهو كناية عن حرمان إنعامه، وامتنانه (٥).

قال الجامع عفا الله عنه: هكذا قيل: إنه كناية، والظاهر أن هذا من باب تأويل صفة الوصل، وفيه نَظَر لا يخفى، والله تعالى أعلم.

(قَالَتْ) الرحم: (بَلَى)؛ أي: رضيت به، (قَالَ) الله - عَزَّ وَجَلَّ -، وقوله: (فَذَاكَ لَكِ") بكسر الكاف فيهما، وهو إشارةٌ إلى قوله: "ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ "؛ أي: ذاك حصل لك.

وصلةُ الرحم بالمال ونحو عَوْن على حاجة، ودَفْع ضرر، وطلاقة وجه، ودعاء، والمعنى الجامع لها: إيصال الممكن من خير، ودَفْع الممكن من شرّ، وهذا إنما يطّرد إن استقام أهل الرحم، فإن كفروا، وفَخَروا، فقطيعتهم في الله


(١) "الفتح" ١٠/ ٤١٧.
(٢) راجع: "عمدة القاري" ١٩/ ١٧٣.
(٣) "الفتح" ١٠/ ٥٩٥، كتاب "التفسير" رقم (٤٨٣٠).
(٤) "فيض القدير على الجامع الصغير" للمناويّ ٢/ ٢٣٤.
(٥) "فيض القدير على الجامع الصغير" للمناويّ ٢/ ٢٣٤.