للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صِلَتُهم بشرط بذل الجهد في وعظهم، ومن ثَمَّ قَتَل أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجرّاح أباه يوم بدر كافرًا؛ غضبًا لله، ونصرة لدينه (١).

وخلاصة القول: أن مقصود هذا الكلام الإخبار بتأكّد صلة الرحم، فإنها قد استجارت بالله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، فأجارها، وأدخلها في ذمته، وخفارته، وإذا كان كذلك، فجار الله تعالى غير مخذول، وعهده غير منقوض، ولذلك قال مخاطبًا لها: "أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ " وهذا كما قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنّكم الله من ذمته بشيء، فإنَّه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه، ثم يكبّه على وجهه في نار جهنم" (٢)، رواه مسلم، والله تعالى أعلم.

(ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:) هكذا في رواية حاتم بن إسماعيل عند الشيخين مرفوعًا، ووقع في رواية سليمان بن بلال عند البخاريّ بلفظ: "قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم"، موقوفًا، ووافق حاتمًا على رَفْعه ابنُ المبارك عند البخاريّ (٣).

("اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ) مصداق هذا الحديث، ({فَهَلْ عَسَيْتُمْ}) مفعول "اقرؤوا" محكيّ؛ لِقَصْد لفظه، وقرأه نافع بكسر السين، والباقون بالفتح، وقد حَكَى عبد الله بن المغفَّل أنه سمع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقرؤها بكسر السين (٤)، وإلى هذين الضبطين مع اختيار الفتح أشار ابن مالك - رَحِمَهُ اللهُ - في "الخلاصة" حيث قال:

وَالْفَتْحَ وَالْكَسْرَ أَجِزْ فِي السِّينِ مِنْ … نَحْوِ "عَسِيتُ" وَانْتِقَا الْفَتْحِ زُكِنْ

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "عسى": من أفعال المقاربة، ويكون رجاء، وتحقيقًا، قال الجوهريّ: "عسى" من الله واجبة في جميع القرآن، إلَّا قوله تعالى: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: ٥]، وإذا اتصل بعسى ضمير فاعل، كان فيها لغتان: فتح السين، وكسرها، وقرئ بهما.


(١) "فيض القدير على الجامع الصغير" للمناويّ ٢/ ٢٣٤.
(٢) "المفهم" ٦/ ٥٢٥.
(٣) راجع: "الفتح" ١٠/ ٤٩٦.
(٤) "عمدة القاري" ١٩/ ١٧٣.