للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أخبرني محمد بن عبد الجبار، قال: سمعت محمد بن كعب القُرَظيّ يحدث عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "إن للرحم لسانًا يوم القيامة، تحت العرش، يقول: يا رب قُطعت، يا رب ظُلمت، يا رب أُسيء إليّ، فيجيبها ربها: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك".

وفي "صحيح مسلم" عن جبير بن مُطْعِم عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا يدخل الجَنَّة قاطع"، قال سفيان: يعني: قاطع رحم. انتهى (١).

٣ - (ومنها): ما قاله القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: لا خلاف أن صلة الرحم واجبة في الجملة، وقطيعتها معصية كبيرة، قال: والأحاديث في الباب تشهد لهذا، ولكن الصلة درجات، بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجَرة، وَصِلَتها بالكلام، ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة، والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحبّ، لو وصل بعض الصلة، ولم يَصِلْ غايتها، لا يسمى قاطعًا، ولو قَصّر عما يقدر عليه، وينبغي له، لا يسمى واصلًا. انتهى (٢).

٤ - (ومنها): ما قاله عياض أيضًا: اختلفوا في حدّ الرحم التي تجب صلتها، فقيل: هو كل رحم محرم، بحيث لو كان أحدهما ذكرًا والآخر أنثى حَرُمت مناكحتهما، فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام، ولا أولاد الأخوال، واحتَجّ هذا القائل بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها، أو خالتها في النِّكَاح ونحوه، وجواز ذلك في بنات الأعمام، والأخوال، وقيل: هو عامّ في كل رحم من ذوي الأرحام في الميراث، يستوي المحرم وغيره، ويدل عليه قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ثم أدناك، أدناك".

قال النوويّ - بعد نقل كلام عياض هذا -: وهذا القول الثاني هو الصواب، ومما يدلُّ عليه الحديث السابق في أهل مصر: "فإن لهم ذمّةً، ورَحِمًا"، وحديث: "إن أبرّ البرّ أن يصل أهل وُدّ أبيه"، مع أنه لا محرمية. انتهى (٣).


(١) "تفسير القرطبيّ" ١٦/ ٢٤٧ - ٢٤٨.
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ١١٣.
(٣) "شرح النوويّ" ١٦/ ١١٣.