للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١ - (منها): بيان وجوب صلة الرحم، وتحريم قَطْعها.

٢ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ المفسّر - رَحِمَهُ اللهُ -: ظاهر الآية أنَّها خطاب لجميع الكفار، وقال قتادة وغيره: معنى الآية: فلعلكم، أو يُخاف عليكم، إن أعرضتم عن الإيمان أن تعودوا إلى الفساد في الأرض بسفك الدماء، قال قتادة: كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله تعالى؟ ألم يسفكوا الدماء الحرام، ويقطعوا الأرحام، وعصوا الرَّحمن؟

فالرَّحِم على هذا رَحِم دين الإسلام والإيمان، التي قد سمّاها الله إخوة بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠].

وعلى قول الفراء: إن الآية نزلت في بني هاشم، وبني أمية، والمراد من أضمر منهم نفاقًا، فأشار بقطع الرحم إلى ما كان بينهم وبين النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من القرابة بتكذيبهم النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وذلك يوجب القتال.

وبالجملة فالرحم على وجهين: عامة وخاصة، فالعامة رَحِم الدين، ويجب مواصلتها بملازمة الإيمان، والمحبة لأهله، ونُصرتهم، والنصيحة، وترك مضارّتهم، والعدل بينهم، والنَّصَفة في معاملتهم، والقيام بحقوقهم الواجبة؛ كتمريض المرضي، وحقوق الموتى، مِن غَسْلهم، والصلاة عليهم، ودَفْنهم، وغير ذلك من الحقوق المترتبة لهم.

وأما الرَّحِمُ الخاصة، وهي رَحِمُ القرابة من طَرَفَي الرجل: أبيه، وأمه، فتجب لهم الحقوق الخاصة، وزيادة، كالنفقة، وتفقُّد أحوالهم، وترْك التغافل عن تعاهدهم في أوقات ضروراتهم، وتتأكد في حقهم حقوق الرحم العامة، حتى إذا تزاحمت الحقوق بُدئ بالأقرب فالأقرب.

وقال بعض أهل العلم: إن الرحم التي تجب صِلَتها هي كل رحم مَحْرم، وعليه فلا تجب في بني الأعمام وبني الأخوال، وقيل: بل هذا في كل رحم ممن ينطلق عليه ذلك من ذوي الأرحام في المواريث، محرمًا كان أو غير محرم، فيخرج من هذا أن رحم الأم التي لا يُتوارث بها لا تجب صلتهم، ولا يحرم قطعهم، وهذا ليس بصحيح، والصواب أن كل ما يشمله، ويعمّه الرحم تجب صلته على كل حال: قرابة، ودينية، على ما ذكرناه أولًا، والله أعلم.

وقد روى أبو داود الطيالسيّ في "مسنده" قال: حَدَّثَنَا شعبة، قال: