ويقال للأول: القضاء المعلَّق، والوجه الأول ألْيَق بلفظ حديث الباب، فإن الأثر ما يتبع الشيء، فإذا أُخّر حَسُن أن يُحْمَل على الذِّكر الحَسَن بعد فَقْد المذكور.
وقال الطيبيّ: الوجه الأول أظهر، وإليه يشير كلام صاحب "الفائق" قال: ويجوز أن يكون المعنى أن الله يُبقي أثر واصل الرحم في الدنيا طويلًا، فلا يضمحلّ سريعًا، كما يضمحلّ أثر قاطع الرحم، ولَمّا أنشد أبو تمّام قوله في بعض المراثي [من الطويل]:
ومن هذه المادّة قول الخليل رحمه الله: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤)} [الشعراء: ٨٤].
وقد ورد في تفسيره وجه ثالث، فأخرج الطبرانيّ في "الصغير" بسند ضعيف، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: ذُكِر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وَصَل رَحِمه أُنسئ له في أجله، فقال:"إنه ليس زيادة في عمره، قال الله تعالى:{فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ} الآية [الأعراف: ٣٤]، ولكن الرجل تكون له الذرية الصالحة، يَدْعُون له من بعده"، وله في "الكبير" من حديث أبي مشجعة الجهنيّ، رفعه:"إن الله لا يؤخِّر نَفْسًا إذا جاء أجلها، وإنما زيادة العمر ذرية صالحة. . ." الحديث.
وجزم ابن فورك بأن المراد بزيادة العمر نفي الآفات عن صاحب البرّ في فَهْمه، وعقله، وقال غيره: في أعمّ من ذلك، وفي وجود البركة في رزقه، وعِلمه، ونحو ذلك، ذكر ذلك كلّه في "الفتح"(١).
قال الجامع عفا الله عنه: الحقّ عندي قول من قال: إن الزيادة في الأجل، والرزق زيادة حقيقيّة على ظاهرها؛ لظاهر النصّ، ولأدلّة أخرى، وسيأتي تحقيق ذلك في المسألة الرابعة -إن شاء الله تعالى -.