للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: هو الذي يعمل بطاعة الله، ثم يعمل بمعصية الله، ثم يتوب، فيمحوه الله من ديوان السيّئات، ويُثبته في ديوان الحسنات، وقيل: يمحو ما شاء؛ يعني: الدنيا، ويُثبت الآخرة، وقيل غير ذلك.

وكلّ هذه الأجوبة دعاوى مجرّدة، ولا شكّ أن آية المحو والإثبات عامّة لكلّ ما يشاؤه الله عز وجل، فلا يجوز تخصيصها إلا بمخصّص، وإلا كان ذلك من التقوّل على الله عز وجل بما لم يقُل، وقد توعّد الله سبحانه وتعالى على ذلك، وقَرَنه بالشرك، فقال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)} [الأعراف: ٣٣].

وأجابوا عن قوله تعالى: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ} [فاطر: ١١] بأن المراد بالمعمّر: الطويل العمر، والمراد بالناقص: قصير العمر.

وفي هذا نظرٌ؛ لأن الضمير في قوله: {وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} يعود إلى قوله: {مِنْ مُعَمَّرٍ}، والمعنى على هذا: وما يعمّر من معمّر، ولا ينقص من عمر ذلك المعمَّر إلا في كتاب، هذا ظاهر معنى النظم القرآنيّ، وأما التأويل المذكور فإنما يتمّ على إرجاع الضمير المذكور إلى غير ما هو المرجع في الآية، وذلك لا وجود له في النظم.

وقيل: إن معنى {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ}: ما يستقبله من عمره، ومعنى {وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ}: ما قد مضى، وهذا أيضًا خلاف الظاهر؛ لأن هذا ليس بنقص من نفس العمر، والنقص يقابل الزيادة، وما هنا جعله مقابلًا للبقيّة من العمر، وليس ذلك بصحيح.

وقيل: المعنى: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ} من بلغ سنّ الهرم، {وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ}؛ أي: من عمر آخر غير هذا الذي بلغ سنّ الهرم عن عمر هذا الذي بلغ سنّ الهرم، ويجاب عنه بما تقدّم. وقيل: المعمّر من يبلغ عمره ستّين سنةً، والمنقوص من عمره من يموت قبل الستين، وقيل غير ذلك من التأويلات التي يردّها اللفظ، ويدفعها.

وأجابوا عن قوله تعالى {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى} بأن المراد بالأجل الأول: النوم، والثاني: الوفاة، وقيل: الأول: ما قد انقضى، من عمر كل أحد،