للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أحْسُدُكَ: أي: عاقَبَنِي على الحَسَد، وتَحاسَدوا: حَسَدَ بعضُهم بعضًا. انتهى (١).

وقال الفيّوميّ رحمه الله: حَسَدْتُهُ على النعمة، وحَسَدْتُهُ النعمةَ حَسَدًا، بفتح السين أكثر من سكونها، يتعدى إلى الثاني بنفسه، وبالحرف: إذا كرهتَهَا عنده، وتمنّيت زوالها عنه، وأما الحَسَدُ على الشجاعة، ونحو ذلك، فهو الْغِبْطة، وفيه معنى التعجب، وليس فيه تمني زوال ذلك عن المحسود، فإن تمنّاه، فهو القِسْم الأول، وهو حرام، والفاعل: حَاسِدٌ، وحَسُودٌ، والجمع: حُسَّادٌ، وحَسَدَةٌ. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله: الحسد في اللغة: أن تتمنى زوال نعمة المحسود، وعَوْدها إليك، يقال: حَسَده يحسُده حُسُودًا، قال الأخفش: وبعضهم يقول: يَحْسِد - بالكسر، والمصدر حَسَدًا بالتحريك، وحَسَادةً، وحسدتك على الشيء، وحسدتك الشيءَ: بمعنى واحد، فأمَّا الغِبطة فهي أن تتمنى مثل حال المغبوط، من غير أن تريد زوالها عنه، تقول منه: غَبَطته بما نال غَبْطًا وغِبْطَةً، وقد يوضع الحسد موضع الغبطة؛ لتقاربهما، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا حسد إلا في اثنتين. . ." متّفقٌ عليه: أي: لا غبطة أعظمُ، ولا أحقُّ من الغبطة بهاتين الخصلتين. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": قوله: "ولا تحاسدوا": الْحَسَد: تمنّي الشخص زوال النعمة عن مستحقّ لها، أعمّ من أن يسعى في ذلك، أو لا، فإن سعى كان باغيًا، وإن لم يَسْعَ في ذلك، ولا أظهره، ولا تسبَّب في تأكيد أسباب الكراهة التي نُهِي المسلم عنها في حقّ المسلم نُظِرَ، فإن كان المانع له من ذلك العَجْز، بحيث لو تمكّن لَفَعَل، فهذا مأزور، وإن كان المانع له من ذلك التقوى، فقد يُعْذَر؛ لأنه لا يستطيع دفع الخواطر النفسانية، فيكفيه في مجاهدتها أن لا يعمل بها، ولا يَعْزِم على العمل بها.

وقد أخرج عبد الرزاق، عن معمر، عن إسماعيل بن أمية، رفعه: "ثلاث


(١) "القاموس المحيط" (ص ٣٥٣).
(٢) "المصباح المنير" ١/ ١٣٥.
(٣) "المفهم" ٦/ ٥٣٢.