للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعند مسلم من رواية عبد الله بن الفضل، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - رفعه: "ثم حانت الصلاة فأممتهم".

وفي حديث أبي أمامة - رضي الله عنه - عند الطبراني في "الأوسط": "ثم أقيمت الصلاة، فتدافعوا حتى قدَّموا محمدًا"، وفيه: "ثم مرَّ بقوم بطونهم أمثال البيوت، كلما نهض أحدهم خَرَّ، وإن جبريل قال له: هم آكلو الربا، وأنه مر بقوم مَشافرهم كالابل، يلتقمون حجرًا، فيخرج من أسافلهم، وإن جبريل قال له: هؤلاء أكلة أموال اليتامى" (١).

(قُمْتُ فِي الْحِجْرِ) بكسر الحاء المهملة، وسكون الجيم: قال الأزهريّ: هو حَطِيم مكة، كأنه حُجْرة مما يَلي المَثْعَب من البيت، وقال الجوهريّ: الحِجْرُ حِجْر الكعبة، وهو ما حواه الحطيم المُدَار بالبيت جانب الشمال (٢).

(فَجَلَا اللهُ لِي) وفي نسخة: "فَجَلَّى الله"، قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: رُوي بتشديد اللام، وتخفيفها، وهما ظاهران، ومعناه: كَشَف وأظهر. انتهى (٣).

وقيل: معناه: كَشَفَ الحجب بيني وبينه حتى رأيته، والأصحّ أنه رُفع البيت حتى نظر إليه ونعته لهم، كما دلّت عليه رواية عبد الله بن الفضل، عن أم سلمة التالية: قال: "فسألوني عن أشياء لم أُثبتها، فكُرِبتُ كَرْبًا لم أُكْرَب مثله قط، فرَفَع الله لي بيت المقدس أنظر إليه، ما يسألوني عن شيء إلا نبأتهم به"، وفي حديث ابن عباس: "فجيء بالمسجد، وأنا أنظر إليه حتى وُضِع عند دار عَقِيل، فَنَعَتُّهُ وأنا أنظر إليه".

وهذا أبلغ في المعجزة، ولا استحالة فيه، فقد أُحضر عرش بلقيس في طرفة عين لسليمان عليه السلام، وهو يقتضي أنه أزيل من مكانه حتى أُحضر إليه، وما ذلك على الله بعزيز.

ووقع في حديث أم هانئ عند ابن سعد: "فَخُيِّل لي بيت المقدس، فطفقت أُخبرهم عن آياته"، قال الحافظ رَحِمَهُ اللهُ: فإن لم يكن مُغَيَّرًا من قوله: "فجلى"، وكان ثابتًا احتَمَلَ أن يكون المراد أنه مُثِّل قريبًا منه كما تقدم نظيره


(١) "الفتح" ٧/ ٢٣٩ - ٢٤٠.
(٢) "لسان العرب" ٤/ ١٧٠.
(٣) " شرح النوويّ" ٢/ ٢٢٧.