في حديث:"أُريت الجنة والنار"، وتأوّل قوله:"جيء بالمسجد"؛ أي: جيء بمثاله. والله أعلم.
قال الجامع عفا الله عنه: الأقرب ما دلّ عليه ظاهر ما في الصحيح من أنه رُفع له بيت المقدس، فرآه عَلَنًا، ووصفه لهم مشاهدًا له، والله تعالى أعلم.
قال: ووقع في حديث شداد بن أوس عند البزَّار والطبرانيّ ما يؤيد الاحتمال الأوّل، ففيه:"ثم مررت بعير لقريش … " فذكر القصة: "ثم أَتيت أصحابي بمكة قبل الصبح، فأتاني أبو بكر، فقال: أين كنت الليلة؟ فقال: إني أَتيت بيت المقدس، فقال: إنه مسيرة شهر، فصِفْه لي، قال: ففُتِح لي شراكٌ، كأني أنظر إليه، لا يسألني عن شيء إلا أنبأته عنه".
وفي حديث أم هانئ أيضًا:"أنهم قالوا له: كم للمسجد بابًا؟ قال: ولم أكن عددتها، فجعلت أنظر إليه، وأعدّها بابًا بابًا"، وفيه عند أبي يعلى: إن الذي سأله عن صفة بيت المقدس هو المطعم بن عَدِيّ والد جُبير بن مطعم، وفيه من الزيادة: فقال رجل من القوم: "هل مررت بإبل لنا في مكان كذا وكذا؟ قال: نعم والله قد وجدتهم قد أضلّوا بعيرًا لهم، فهم في طلبه، ومررت بابل بني فلان انكسرت لهم ناقة حمراء، قالوا: فأخبرنا عن عِدّتها وما فيها من الرُّعاة، قال: كنت عن عدتها مشغولًا، فقام، فأتى الإبل فعَدَّها وعَلِم ما فيها من الرِّعاء، ثم أتى قريشًا، فقال: هي كذا وكذا، وفيها من الرِّعاء فلان وفلان، فكان كما قال".
(بَيْتَ الْمَقْدِسِ) تقدّم بيان لغاته، واشتقاقه قريبًا (فَطَفِقْتُ) بكسر الفاء، وفتحها، يقال: طَفَقَ يفعل كذا، كفرِحَ، وضَرَبَ طَفْقًا، وطُفُوقًا: إذا واصل الفعل، خاصّ بالإثبات، لا يقال: ما طَفَق، وطَفِقَ بمراده: ظَفِرَ، قاله المجد (١)، وهي من أفعال الشروع التي تنسخ المبتدأ والخبر، وخبرها يكون فعلًا مضارعًا، ولا يُقرن بـ "أن"، كما قال في "الخلاصة":