للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هجران الكافر، وهو أشدّ جُرْمًا منهما؛ لكونهما من أهل التوحيد في الجملة.

وأجاب ابن بطال بأن لله أحكامًا فيها مصالح للعباد، وهو أعلم بشأنها، وعليهم التسليم لِأَمْره فيها، فجنح إلى أنه تعبُّد، لا يُعْقَل معناه، وأجاب غيره بأن الهجران على مرتبتين: الهجران بالقلب، والهجران باللسان، فهجران الكافر بالقلب، وبترك التودّد، والتعاون، والتناصر، لا سيما إذا كان حربيًّا، وإنما لم يشرع هجرانه بالكلام؛ لعدم ارتداعه بذلك عن كفره، بخلاف العاصي المسلم، فإنه ينزجر بذلك غالبًا، ويشترك كل من الكافر والعاصي في مشروعية مكالمته بالدعاء إلى الطاعة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإنما المشروع ترك المكالمة بالمودّة، ونحوها (١)، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه اللهُ أوّلَ الكتاب قال:

[٦٥١٢] (. . .) - (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ (ح) وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ (ح) وَحَدَّثَنَا حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيد، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ (ح) وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاق، عَنْ مَعْمَرٍ، كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِإِسْنَادِ مَالِكٍ، وَمِثْلِ حَدِيثِه، إِلَّا قَوْلَهُ: "فَيُعْرِضُ هَذَا، ويعْرِضُ هَذَا"، فَإِنَّهُمْ جَمِيعًا قَالُوا فِي حَدِيثِهِمْ غَيْرَ مَالِكٍ: "فَيَصُدُّ هَذَا، وَيَصُدُّ هَذَا").

رجال هذا الإسناد: ستة عشر:

وكلّهم ذُكروا في الباب، والذي قبله، و"إسحاق بن إبراهيم" وهو ابن راهويه، تقدّم قريبًا.

وقوله: (كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ)؛ أي: كل هؤلاء الأربعة، وهم: سفيان بن عيينة، ويونس بن يزيد الأيليّ، ومحمد بن الوليد الزُّبيديّ، ومعمر بن راشد رووا هذه الحديث عن الزهريّ، كمثل ما رواه مالك بإسناده، وعنه إلا قوله: "فيُعرض هذا إلخ".


(١) "الفتح" ١٣/ ٦٥٢.