للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المرفوع: "ملعون من ضارّ مسلمًا، أو مَكَر به" خرّجه الترمذيّ (١)، فيدخل على هذا التقدير في التناجش المنهيّ عنه: جميع أنواع المعاملات بالغش، ونحوه، كتدليس العيوب، وكتمانها، وغَشّ المبيع الجيد بالرديء، وغَبْن المسترسل الذي لا يَعرف المماكسة، وقد وصف الله تعالى في كتابه الكفار والمنافقين بالمكر بالأنبياء، وأتباعهم، وما أحسن قول أبي العتاهية [من الخفيف]:

لَيْسَ دُنْيَا إِلَّا بِدِينٍ وَلَيْـ … سَ الدِّينُ إلَّا مَكَارِمَ الأَخْلَاقِ

إِنَّمَا الْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ فِي النَّا … رِ هُمَا مِنْ خِصَالِ أَهْلِ النّفَاقِ

وإنما يجوز المكر بمن يجوز إدخال الأذى عليه، وهم الكفار، والمحاربون، كما قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "الحرب خدْعَةٌ"، متّفقٌ عليه. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد استوفيت ما يتعلّق بالنجش في "كتاب البيوع"، فارجع إليه تجد علومًا جمّة، وبالله تعالى التوفيق.

(وَلَا تَبَاغَضُوا) نهي عن التباغض بينهم، وذلك فيما ليس لأمر شرعيّ، وقد تقدّم البحث فيه مستوفًى. (وَلَا تَدَابَرُوا) معنى التدابر: المعاداة، يقال: دابرته: أي: عاديته، وحَكَى عياض أن معناه: لا تجادلوا، ولكن تعاونوا، والأول أَولى. (وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ) تقدّم أن معناه أن يكون قد باع منه شيئًا، فيبذل للمشتري سلعته ليشتريها، ويفسخ بيع الأول، وتقدّم البحث في ذلك أيضًا مستوفى. (وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا) هذا ذكره النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كالتعليل لِمَا تقدّم، وفيه إشارة إلى أنهم إذا تركوا الحسد، وما ذُكر معه كانوا إخوانًا.

(الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ)؛ أي: فليتعامل المسلمون فيما بينهم، ولْيتعاشروا معاملة الإخوّة، ومعاشرتهم في الموّدة، والرفق، والشفقة، والملاطفة، والتعاون في الخير، ونحو ذلك، مع صفاء القلوب، والنصيحة بكل حال (٣).

وقال في "الفتح": قوله: "المسلم أخو المسلم" هذه أخوّة الإسلام، فإن كل اتفاق بين شيئين يُطلَق بينهما اسم الأخوة، ويشترك في ذلك الحرّ والعبد،


(١) ضعيف، في سنده أبو سلمة الكنديّ مجهول، وفرقد السبخيّ متكلّم فيه.
(٢) "جامع العلوم والحكم" ١/ ٣٢٨.
(٣) "تحفة الأحوذي" ٦/ ٤٦.