للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والمعنى: أن مجرّد الأعمال الظاهرة لا يحصل بها التقوى، وإنما يحصل بما يقع في القلب من عظمة الله تعالى، ومحبّته، وخشيته، ومراقبته سبحانه وتعالى.

(وَيُشِيرُ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عند قوله: "ها هنا" (إِلَى صَدْرِهِ) الشريف - صلى الله عليه وسلم -، (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) وفي بعض النسخ: "ثلاث مرار"، وكلاهما جمعان لمرّة، يقال: فعلت ذلك مرّةً: أي: تارةً (١).

وقوله: ("بِحَسْبِ امْرِئٍ) الباء زائدة، و"حسب" خبر مقدّم لقوله: "أن يحقر"، أو بالعكس، والأول أَولى؛ لأن ما سُبك من "أن" والفعل بمنزلة الضمير.

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: (مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ) الباء في "بحسب" زائدة، وهو بإسكان السين، لا بفتحها، وهو خبر ابتداء مقدّمٌ، والمبتدأ: "أن يحقر تقديره: حسبُ امرئ من الشرّ احتقاره أخاه؛ أي: كافيه من الشرّ ذلك، فإنَّه النصيب الأكبر، والحظّ الأوفى، ويفيد أن احتقار المسلم حرام. انتهى (٢).

وقال المناويّ رحمه الله: "بحسب امرئ من الشر": أي: يكفيه منه في أخلاقه، ومعاشه، ومعاده، "أن يحقر أخاه المسلم": أي: يُذِلّه، ويُهينه، وَيَزدريه، ولا يعبأ به؛ لأن الله تعالى أحسن تقويمه، وسَخَّر ما في السماوات والأرض لأجله، ومشاركةُ غيره له إنما هي بطريق التَّبَع، وسمّاه مسلمًا، ومؤمنًا، وعبدًا، وجَعَل الأنبياء الذين هم أعظم الخلق من جنسه، فاحتقاره احتقار لِمَا عَظَّمه الله تعالى، وشرّفه، ومنه أن لا يبدأه بالسلام، ولا يَرُدّه عليه؛ احتقارًا. انتهى (٣).

(كُلُّ الْمُسْلِمِ) مبتدأ خبره "حرامٌ وقوله: (عَلَى الْمُسْلِمِ) متعلّق بـ (حَرَامٌ)، وقوله: (دَمُهُ) وما عُطف عليه بدل، أو عطف بيان لـ "كلُّ"، (وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ") بكسر العين المهملة، وسكون الراء: النفس، والحسب، يقال: نقيّ العِرْض: أي: بريء من العيب (٤).


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥٦٨.
(٢) "المفهم" ٦/ ٥٣٧.
(٣) "فيض القدير" ٥/ ١١.
(٤) راجع: "المصباح المنير" ٢/ ٤٠٤.