للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن الأثير رحمه الله: العِرْضُ: موضع المدح والذمّ من الإنسان، سواءٌ كان في نفسه، أو في سلفه، أو من يلزمه أمره، وقيل: هو جانبه الذي يصونه من نفسه، وحَسَبه، ويحامي عنه أن يُنتقَص، ويُثْلَب، وقال ابن قتيبة: عِرْضُ الرجل نفسه، وبدنه، لا غير. انتهى (١).

وقال ابن منظور رحمه الله بعد ذِكر ما ذكره ابن الأثير ما نصّه: وقال أبو العباس: إذا ذُكر عِرض فلان، فمعناه أموره التي يَرتفع، أو يَسقط بذكرها من جهتها، بحمد، أو بذمّ، فيجوز أن تكون أمورًا يوصف هو بها دون أسلافه، ويجوز أن تُذكر أسلافه؛ لتلحقه النقيصة بعيبهم، لا خلاف بين أهل اللغة فيه، إلا ما ذكره ابن قتيبة من إنكاره أن يكون العِرض الأسلاف، والآباء، واحتجّ أيضًا بقول أبي الدرداء: أَقْرِض من عِرْضك ليوم فقرك، قال: معناه: أقْرِضْ من نفسك؛ أي: مَنْ عابك، وذمّك فلا تجازِه، واجعله قرضًا في ذمته؛ لتستوفيه منه يوم حاجتك في القيامة، وقول الشاعر:

وَأُدْرِكُ مَيْسُورَ الْغِنَى وَمَعِي عِرْضِي

أي: أفعالي الجميلة، وقال النابغة:

يُنْبِئْكِ ذُو عِرْضِهِمْ عَنِّي وَعَالِمُهُمْ … وَلَيْسَ جَاهِلُ أَمْرٍ مِثْلُ مَنْ عَلِمَا

ذو عرضهم: أشرافهم، وقيل ذو عرضهم: حَسَبهم، والدليل على أن العرض ليس بالنفس، ولا البدن، قوله: "دمه، وعرضه"، فلو كان العرض هو النفس لكان "دمه" كافيًا عن قوله: "عرضه"؛ لأن الدم يراد به ذهاب النفس، ويدل على هذا قول عمر للحطيئة: فاندفعت تُغَنِّي بأعراض المسلمين، معناه: بأفعالهم، وأفعال أسلافهم. انتهى (٢).

وقال المناويّ رحمه الله: قوله: "كل المسلم " مبتدأ، وفيه ردّ لزعم من زعم أن "كلّا" لا تضاف إلا إلى نكرة، وقوله: "على المسلم حرامٌ" خبره، وقوله: "ماله": أي: أخذ ماله، بنحو غَصْب، وقوله: "وعرضه": أي: هَتْك عرضه بلا استحقاق، وقوله: "ودمه": أي: إراقة دمه بلا حقّ، وأدلة تحريم هذه الثلاثة مشهورة، معروفة من الدِّين بالضرورة، وجَعَلَها كلَّ المسلم، وحقيقَتَهُ؛ لشدّة


(١) "النهاية في غريب الأثر" ٣/ ٢٠٩.
(٢) "لسان العرب" ٧/ ١٧١ - ١٧٢.