اضطراره إليها، فالدم فيه حياته، ومادته المال، فهو ماء الحياة الدنيا، والعِرض به قيام صورته المعنوية، واقتصر عليها؛ لأن ما سواها فَرْع عنها، وراجع إليها؛ لأنه إذا قامت الصورة البدنية والمعنوية، فلا حاجة لغيرهما، وقيامها إنما هو بتلك الثلاثة، ولكون حرمتها هي الأصل والغالب، لم يَحتج لتقييدها بغير حقّ، فقوله في رواية:"إلا بحقها"؛ إيضاحٌ وبيانٌ، وهذا حديثٌ عظيم الفوائد، كثير العوائد، مشير إلى المبادئ، والمقاصد. انتهى (١) كلام المناويّ رحمه اللهُ، وهو بحثٌ مفيدٌ، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف رحمه اللهُ.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٠/ ٦٥٢٠ و ٦٥٢١ و ٦٥٢٢](٢٥٦٤)، و (أبو داود) في "سننه"(٤/ ٢٧٠)، و (ابن ماجه) في "سننه"(٢/ ١٢٩٨)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٢٧٧ و ٣٦٠)، و (عبد بن حُميد) في "مسنده"(١/ ٤٢٠)، و (الطبرانيّ) في "مسند الشاميين"(٣/ ٣٠٩)، و (القضاعيّ) في "مسند الشهاب"(١/ ١٣٦ و ١٣٧)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٦/ ٩٢ و ٨/ ٢٤٩) و"شُعب الإيمان"(٥/ ٢٨١ و ٧/ ٥٠٨)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة"(٣٥٤٩)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان تحريم التحاسد، والتناجش، والتباغض، والتدابر، والبيع على بيع الآخر؛ لأن هذه الأشياء تورث التقاطع، والتنافر، وتقطع الصلة بين الإخوة.
٢ - (ومنها): بيان وجوب أن يكون عباد الله تعالى متآخين، متحابيّن في جلال الله سبحانه وتعالى.
٣ - (ومنها): بيان أن المسلم أخ لأخيه المسلم، فلا ينبغي له أن يظلمه، ولا يخذله بترك نَصْره على من ظلمه، ولا يحتقره.