فقال:"ذِكْرك أخاك بما يكره"، قال: أرأيت إن كان فيه ما أقول؟ فقال:"إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول، فقد بَهَتَّه".
فتضمَّنت هذه النصوص كلها أن المسلم لا يحلّ إيصال الأذى إليه بوجه من الوجوه، من قول، أو فعل، بغير حقّ، وقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٥٨)} [الأحزاب: ٥٨].
وإنما جعل الله المؤمنين إخوة؛ ليتعاطفوا، ويتراحموا، وفي "الصحيحين" عن النعمان بن بشير، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"مَثَل المؤمنين في توادّهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، مَثَل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر"، وفي رواية لمسلم:"المؤمنون كرجل واحد، إن اشتكى رأسه، تداعَى له سائر الجسد بالحمى"، وفي رواية له أيضًا:"المسلمون كرجل واحد، إن اشتكى عينه اشتكى كله، وإن اشتكى رأسه، اشتكى كله"، وفيهما عن أبي موسى، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشدّ بعضه بعضًا".
وخرّج أبو داود من حديث أبي هريرة، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"المؤمن مرآة المؤمن، المؤمن أخو المؤمن، يكفّ عنه ضيعته، ويحوطه من ورائه"، وخرّجه الترمذيّ، ولفظه:"إن أحدكم مرآة أخيه، فمن رأى به أذى فَلْيُمِطْه عنه".
قال رجل لعمر بن عبد العزيز: اجعل كبير المسلمين عندك أبًا، وصغيرهم ابنًا، وأوسطهم أخًا، فأيّ أولئك تحب أن تسيء إليه؟.
ومن كلام يحيى بن معاذ الرازيّ: ليكن حظ المؤمن منك ثلاثة: إن لم تنفعه فلا تضرّه، وإن لم تفرحه فلا تغمّه، وإن لم تمدحه فلا تذمّه. انتهى كلام ابن رجب رحمه اللهُ (١) وهو بحث نفيس، مفيد، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتصل إلى المؤلّف رحمه اللهُ أوّلَ الكتاب قال: