للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

دَاوُدَ، وَزَادَ، وَنَقَصَ، وَمِمَّا زَادَ فِيهِ: "إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ، وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ"، وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ إِلَى صَدْرِهِ).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ) الليثيّ مولاهم، أبو زيد المدنيّ، صدوقٌ يَهِم [٧] (ت ١٥٣) وهو ابن بضع وسبعين (خت م ٤) تقدم في "الصلاة" ٤٢/ ١٠٨٥.

والباقون ذُكروا في الباب، وقبل خمسة أبواب.

وقوله: (فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ دَاوُدَ … إلخ) فاعل "ذَكَر" ضمير أسامة بن فلد، وكذا فاعل "زاد"، و"نقص".

وقوله: ("إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ … إلخ") قال القرطبيّ رحمه اللهُ: نَظَرُ الله تعالى الذي هو رؤيته للموجودات، واطّلاعه عليها، لا يخصّ نَظَرَ موجودٍ دون موجود، بل يعمّ جميع الأشياء؛ إذ لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، ثم قد جاء في الشرع نَظَر الله تعالى بمعنى: رَحْمَته للمنظور إليه، وبمعنى: قبول أعماله، ومجازاته عليها، وهذا هو النظر الذي يُخَصّ به بعض الأنبياء، ويُنفَى عن بعضها، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: ٧٧]، وقد تقدَّم ذلك في "كتاب الإيمان"، فقوله هنا: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم"؛ أي: لا يُثيبكم عليها، ولا يقرّبكم منه، ذلك كما قال تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى} [سبأ: ٣٧]، ثم قال: {إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: ٣٧]. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي طوّل به القرطبيّ نَفَسَه، ليس بصواب، والصواب ما عليه السلف من أن النظر على ظاهره، فنُثبت لله تعالى صفة النظر، كما نُثبت غيره من الصفات؛ كالرضى، والغضب، والرحمة، والانتقام، والاستواء، والنزول، وغير ذلك بلا تشبيه، ولا تمثيل، ولا تأويل، ولا تعطيل، وقد سبق تحقيق هذا الموضوع في مواضع كثيرة، فكن على بصيرة، والله تعالى وليّ التوفيق.