وإنما المراد من نفي النظر إلى الأجساد والصُّوَر، أن حُسْن الصورة وقُبْحها، لا مدخل له في رضا الله تعالى، وسَخَطه، وإنما العبرة بالقلب، والأعمال.
وبالجملة فالحديث واضح المعنى، وإنما الشيطان سوَّل لبعض الناس أن يفهموه على غير وجهه، فزيّن لهم الاستدلال به على انحرافهم عن سلوك سبل الهدى والرشاد، إلى طريق الضلال والغواية، والفساد، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨)} [آل عمران: ٨]، اللَّهُمَّ أرنا الحقّ حقًّا، وارزقنا اتّباعه، وأرنا الباطل باطلًا، وارزقنا اجتنابه، آمين.
[تنبيه]: قال بعض العلماء: قد أبان هذا الحديث أن محل القلب موضع نَظَر الرب، فيا عجبًا ممن يَهْتَمّ بوجهه الذي هو نَظَر الخلق، فيغسله، وينظفه من القَذَر والدَّنَس، ويزيّنه بما أمكن؛ لئلا يَطَّلع فيه مخلوق على عيب، ولا يهتمّ بقلبه الذي هو محل نَظَر الخالق، فيطهّره، ويزيّنه؛ لئلا يَطَّلع ربه على دَنَس، أو غيره فيه. انتهى (١).
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف: رحمه اللهُ.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٠/ ٦٥٢٢](٢٥٦٤)، و (ابن ماجه) في "الزهد"(٤١٤٣)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٢٨٤ - ٢٨٥ و ٥٣٩) وفي "الزهد"(ص ٥٩)، و (ابن راهويه) في "مسنده"(١/ ٣٦٩)، و (أبو نعيم) في "الحلية"(٧/ ١٢٤)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٣٩٤)، و (ابن منده) في "الإيمان"(١/ ٤٦٠)، و (تمّام) في "فوائده"(١/ ٣٩)، و (البيهقيّ) في "شُعَب الإيمان"(٧/ ٣٢٨)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة"(٤١٥٠)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان عظمة القلب؛ لأنه محل نظر الله سبحانه وتعالى، فينبغي العناية بتطهيره، وتنظيفه من الصفات الدنيّة، والأخلاق الرديّة.
(١) "فيض القدير على الجامع الصغير" للمناويّ ٢/ ٢٧٧ - ٢٧٨.