أن يُبغضهم، بل محبتهم دِيْن، وموالاتهم زيادة في الإيمان واليقين.
قال: وفي هذا الحديث دليل على أن الذنوب بين العباد إذا تساقطوها، وغَفَرها بعضهم لبعض، أو خرج بعضهم لبعض عما لزمه منها سقطت المطالبة من الله عز وجل بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث:"حتى يصطلحا"، فإذا اصطلحا غُفر لهما. انتهى (١).
٦ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ رحمه الله: قد خصّ الله تعالى هذين اليومين بفتح أبواب الجنة فيهما، وبمغفرة الله تعالى لعباده، وبأنهما تُعرض فيهما الأعمال على الله تعالى، كما جاء في الحديث الآخر، وهذه الذنوب التي تُغفر في هذين اليومين هي الصغائر، والله تعالى أعلم. كما تقدم ذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهنّ إذا اجتُنبت الكبائر"، متّفقٌ عليه، ومع ذلك فرحمة الله تعالى وَسِعَت كل شيء، وفضْله يعمّ كل ميت، وحيّ، ومقصود هذا الحديث التحذير من الإصرار على بُغض المسلم، ومقاطعته، وتحريم استدامة هِجْرته، ومشاحنته، والأمر بمواصلته، ومكارمته.
٧ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ رحمه الله أيضًا: فتحُ أبواب الجنة في هذين اليومين محمولٌ على ظاهره، ولا ضرورة تُحوِج إلى تأويله، ويكون فتحها تأهبًا، وانتظارًا من الخَزَنة لروح من يموت في ذينك اليومين ممن غُفرت ذنوبه، أو يكون فَتْحها علامة للملائكة على أن الله تعالى غَفَر في ذينك اليومين للموحّدين، والله تعالى أعلم.
قال: وهو حجَّة لأهل السُّنَّة على قولهم: إن الجنة والنار قد خُلقتا ووُجدتا، خلافًا للمبتدعة الذين قالوا: إنهما لم تُخلَقا بعدُ، وستخلقان، وعَرْض الأعمال المذكورة إنما هو -والله تعالى أعلم- لِتُنْقَل من الكرام الكاتبين إلى محل آخر، ولعلّه اللوح المحفوظ، كما قال الله تعالى: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٩)} [الجاثية: ٢٩]، قال الحسن: إن الخَزَنة تستنسخ الحفظة من صحائف الأعمال، وقد يكون هذا