للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لغرض من أغراض الدنيا. انتهى (١).

وقال ابن عبد البرّ رحمه الله: معنى قوله فيه -والله أعلم-: أين المتحابون لجلالي؟: أين المتحابون إجلالًا لي، ومحبةً فيّ، فمن إجلال الله عز وجل إجلال أولياء الله، ومحبتهم، كما جاء في الأثر: "من إجلال الله عز وجل إجلال ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن، غير الغالي فيه، ولا الجافي عنه"، وإذا كان ذِكرهم، وذِكر فضائلهم عمل بِرّ، فما ظنك بحبهم، وإخلاص الودّ لهم؟. انتهى (٢).

(الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي")؛ أي: أنه لا يكون مَن له ظل مجازًا، كما في الدنيا، وجاء في غير مسلم: "ظل عرشي". قال القاضي: ظاهره أنه في ظله من الحرّ، والشمس، ووَهَج الموقف، وأنفاس الخلق، قال: وهذا قول الأكثرين، وقال عيسى بن دينار: معناه: كَفّه من المكاره، وإكرامه، وجعله في كَنَفه، وسِتره، ومنه قولهم: السلطان ظلّ الله في الأرض، وقيل: يَحْتَمِل أن الظل هنا عبارة عن الراحة، والنعيم، يقال: هو في عيش ظليل؛ أي: طيّب، ذكره النوويّ (٣).

وقال ابن عبد البرّ: أراد -والله أعلم- في ظل عرشه، وقد يكون الظل كناية عن الرحمة، كما قال عز وجل: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (٤١) وَفَوَاكِهَ} [المرسلات: ٤١، ٤٢]؛ يعني بذلك: ما هم فيه من الرحمة والنعيم، وقال: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرعد: ٣٥]، وقد يكون كناية عن العذاب، كما قال عز وجل: {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (٤٤)} [الواقعة: ٤٣، ٤٤]، ومن كان في ظل الله يوم الحساب وُقِي شرّ ذلك اليوم، جعلنا الله برحمته من المتحابين فيه، ولوجهه، المستقرين تحت ظله، يوم لا ظل إلا ظله، فإن ذلك من أفضل الأعمال، وأكرم الخلال. انتهى (٤).

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "اليوم أظلّهم في ظلّي يوم لا ظل إلا ظلّي"


(١) "المفهم" ٦/ ٥٤١.
(٢) "التمهيد لابن عبد البرّ" ١٧/ ٤٢٩.
(٣) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٣٢.
(٤) "التمهيد لابن عبد البرّ" ١٧/ ٤٣١ - ٤٣٢.