للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورأس المكثرين السبعة من الصحابة - رضي الله عنهم -، روى (٥٣٧٤) حديثًا، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) هكذا رواية عبد الله بن الفضل، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وقد تقدّم من رواية الزهريّ، عن أبي سلمة، عن جابر - رضي الله عنه -، وسبق أن الحديث صحيح بالطريقين، على أن لأبي سلمة فيه شيخان: جابرُ وأبو هريرة - رضي الله عنهما -، كما حقّقه الحافظ في "الفتح"، فما كتبه بعض من علّق على "صحيح مسلم " هنا من أن هذا الحديث خطأ، والصواب حديث جابر - رضي الله عنه -، فلا أدري من أين أخذه، فتنته، ولا تغترّ بكلّ من جرّ قلمه، فإن ذلك مَخْزَاةٌ ومَنْدَمَة (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَقَدْ رَأَيْتُنِي) أي: رأيت نفسي، وقد تقدّم البحث في أن من خواصّ أفعال القلوب أنها تختصّ بجواز كون فاعلها ومفعولها ضميرين متّصلين لمسمّى واحد، كـ"ظننتني قائمًا وكقوله تعالى: {أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧)} [العلق: ٧]، وأُلْحِقت بها في ذلك "رأى" الحُلميّة، كقوله - صلى الله عليه وسلم - هنا: "لقد رأيتني وكقوله تعالى: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} الآية [يوسف: ٣٦]، و"رأى" البصريّة، كقوله [من الوافر]:

وَلَقَدْ أَرَانِي للرِّمَاحِ دَرِيئَةً … مِنْ عَنْ يَمِينِي تَارَةً وَأَمَامِي

وكذا أُلحْقِ بها "عَدِمَ"، و"وَجَد"، و"فَقَد" (فِي الْحِجْرِ) بكسر، فسكون: أي: حِجر الكعبة (وَقُرَيْشٌ تَسْأَلني) جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل (عَنْ مَسْرَايَ) بفتح الميم، وسكون السين المهملة، مقصورًا مصدرٌ ميميّ لـ"سَرَى"، قال المجد رحمه الله: السّرَى كالهُدى: سير عامّة الليل، ويُذَكَّرُ، سَرَى، يَسْرِي سُرًى، ومَسْرىً، وسَرْيَةً، ويُضَمّ، وسِرَايَةً، وأسرى، واسترى، وسَرَى به، وأسراه، وبه، و {أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} الآية [الإسراء: ١] تأكيدٌ، أو معناه: سَيَّرَه. انتهى (١).

(فَسَأَلتْني عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ) أي: من أوصاف بيت المقدس (لَمْ


(١) "القاموس المحيط" ص ١١٦٥.