للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أثبِتْهَا) أي: لم أحفظها، ولم أَضْبِطها لاشتغالي بأهمّ منها (فَكُرِبْتُ) بالبناء للمفعول (كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ) قال النوويّ رحمه الله: هو بضم الكافين، والضمير في "مثله " يعود على معنى الكُربة، وهو الكَرْبُ، أو الغَمّ، أو الهَمّ، أو الشيء، قال الجوهريّ: الكُربة بالضم: الغَمّ الذي يأخذ بالنفس، وكذلك الكَرْب، وكَرَبه الغمّ: إذا اشتدّ عليه. انتهى.

ولفظ أبي عوانة وأبي نعيم: "فُكُربتُ كَرْبًا".

(قَطُّ) بضمّ الطاء المهملة المشدَّدة، يقال: ما ذلك قَطُّ؛ أي: في الزمان الماضي (١). (قَالَ: فَرَفَعَهُ اللهُ لِي أَنْظُرُ إِلَيْه، مَا يَسْألونِي عَنْ شَيْءٍ، إِلَّا أَنْبَأتهُمْ بِه، وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الأنْبِيَاء، فَإِذَا) وفي نسخة: "وإذا" (مُوسَى قَائِمٌ يُصَلِّي (قال الأبّيّ رحمه الله: الأظهر أنها رؤية عين، وأنها الصلاة المعهودة، ويأتي في آخر الكتاب: "مررت على موسى، وهو قائم يُصلّي في قبره". انتهى (٢).

قال القاضي عياض رحمه الله: قوله: "فإذا بموسى قائم يصلّي"، وذكر مثله في عيسى عليه السلام، وفي آخر كتاب مسلم بعد هذا: "مررت على موسى، وهو قائم في قبره يصلّي".

فالجواب عن صلاتهم قد تقدّم في ذكر حجِّ موسى وعيسى عليه السلام. قال: وقد تكون الصلاة هنا بمعنى الذكر والدعاء، وهي من أعمال الآخرة، ويؤكّد أحدَ التأويلات فيه، وأنه الصلاة المعهودة ما ذكر من أنه - صلى الله عليه وسلم - أمّ الأنبياء عليهم السلام.

وقد قال بعضهم: يَحْتَمل أن موسى عليه السلام لم يمت، وأنه حيّ، فتكون صلاته حقيقة، كصلاة عيسى عليه السلام بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - "فأكون أنا أول من تنشقّ عنه الأرض، فإذا موسى آخذ بساق العرش، فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور؟ "، متّفق عليه.

لكن يَرُدّ هذا التأويل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر"، والقبر لا يكون إلا للميت، والحديث الوارد في قصّة وفاته، وخبره مع ملك الموت، وسيأتي آخر الكتاب.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: استدلال هذا البعض بحديث الصعقة من


(١) "المصباح" ٢/ ٥٠٨.
(٢) "شرح الأبيّ" ١/ ٣٢٥.