للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: المخرفة: الطريق؛ أي: على طريق يؤديه إلى الجنة، وعلى ما تقدم يكون معناه: في بساتين الجنة، وهو كله راجع إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "جناها"، وقوله أصحّ، وأثبت. انتهى (١).

وقال المناويّ عند قوله: "عائد المريض يمشي في مَخرفة الجنة، حتى يرجع من العيادة": أي: يمشي في التقاط فواكه الجنة، والْخُرفة بالضم: ما يُجتنَى من الثمار، وقد يُتجوز بها للبستان، من حيث إنه محلها، وهو المراد هنا على تقدير مضاف؛ أي: في محل خرفتها. ذكره البيضاويّ، وقال الزمخشريّ: معناه أن العائد فيما يحوزه من الثواب؛ كأنه على نخل الجنة، يخترق ثمارها، من حيث إن فعله يوجب ذلك. انتهى.

وقال ابن العربيّ: ممشاه إلى المريض لمّا كان له من الثواب على كل خطوة درجة، وكانت الخطا سببًا لنيل الدرجات في المقيم، عَبَّر بها عنها؛ لأنه سببها مُجازًا له إذا مشى على الخرفة، وهي بساتين الجنة، أن يخترف منها؛ أي: يقتطع، ويتنعم بالأكل (٢).

وقال ابن عبد البرّ رحمه الله: قال ابن وهب: المَخْرَف: هي الجنينة الصغيرة، وقال غيره: هو ما يُخرف، ويخترف؛ أي: يحفظ، ويجتنَى، وهو الحائط الذي فيه ثمر قد طاب، وبدا صلاحه، قالوا: والحائط يقال له بالحجاز: الخارف، والخارف بلغة أهل اليمن: الذي يجتني لهم الرُّطَب.

وقال أبو عبيد: يقال للنخل بعينه: مَخْرف، قال: ومنه قول أبي طلحة: إن لي مَخرفًا.

قال: وقال الأصمعي في حديث النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "عائد المريض في مخارف الجنة": قال: واحدها مخرف، وهو جنَى النخل، وإنما سُمّي مَخرفًا؛ لأنه يُخرَف منه؛ أي: يُجتنَى منه.

وقال الأخفش: الْمِخرَف بكسر الميم: القطعة من النخل التي يُختَرف منها الثمر، والْمَخرَف بفتح الميم: النخل أيضًا. انتهى (٣)، والله تعالى أعلم.


(١) "مشارق الأنوار" ١/ ٢٣٣.
(٢) "فيض القدير" ٤/ ٢٩٧.
(٣) "التمهيد لابن عبد البرّ" ٢٣/ ٢٥٩.