للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقت، وقد كرهها طائفة من العلماء في أوقات، قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله -يعني: أحمد بن حنبل- وقال له شيخ، كان يخدمه: تجيء إلى فلان - مريض سمّاه يعوده -، وذلك عند ارتفاع النهار في الصيف، فقال: ليس هذا وقت عيادة.

قال ابن عبد البرّ: لقد أحسن ابن حذار في نحو هذا، حيث يقول [من البسيط]:

إِنَّ الْعِيَادَةَ يَوْمٌ بَيْنَ يَوْمَيْنِ … وَاجْلِسْ قَلِيلًا كَلَحْظِ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ

لَا تُبْرِمَنَّ مَرِيضًا فِي مُسَاءَلَةٍ … يَكْفِيكَ مِنْ ذَاكَ إِنْ تَسْأَلْ بِحَرْفَيْنِ

ذَكَر الحسن بن عليّ الحلوانيّ قال: حدّثنا أبو سعيد الجعفيّ قال: حدّثنا ضمرة، قال: حدّثني الأوزاعيّ قال: خرجت إلى البصرة أريد محمد بن سيرين، فوجدته مريضًا به البطن، فكنا ندخل عليه، نعوده قيامًا.

ثم أخرج عن ابن طاوس، عن أبيه قال: أفضلُ العيادة أخفّها.

وقال ابن وضاح في تفسير الحديث، أفضل العيادة أخفّها، قال: هو أن لا يُطَوِّل الرجل في القعود إذا عاد المريض. انتهى (١).

[تنبيه]: لا يتوقف مشروعيّة عيادة المريض على علمه بعائده، بل تندب عيادته، ولو مُغْمًى عليه؛ لأن وراء ذلك جَبْر خاطر أهله، وما يُرجى من بركة دعاء العائد، ووضع يده على بدنه، والنفث عليه عند التعويذ، وغير ذلك، ذكَره في "الفتح" وغيره (٢).

٤ - (ومنها): ما قاله في "الفتح": قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عودوا المريض" (٣) يدلّ على مشروعية العيادة لكل مريض، لكن استثنى بعضهم الأرمد؛ لكون عائده قد يرى ما لا يراه هو، وهذا الأمر خارجيّ قد يأتي مثله في بقية الأمراض؛ كالْمُغْمَى عليه، وقد عقّبه البخاريّ به.


(١) "التمهيد لابن عبد البرّ" ٢٤/ ٢٧٧.
(٢) "فيض القدير" ٤/ ٢٩٧.
(٣) أي: فيما أخرجه البخاريّ في "صحيحه" عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فُكّوا العاني -يعني: الأسير- وأطعموا الجائع، وعُودوا المريض".