وقد جاء في عيادة الأرمد بخصوصها حديث زيد بن أرقم قال: عادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وجع كان بعيني، أخرجه أبو داود، وصححه الحاكم، وهو عند البخاريّ في "الأدب المفرد"، وسياقه أتمّ.
وأما ما أخرجه البيهقيّ، والطبرانيّ مرفوعًا:"ثلاثة ليس لهم عيادة: العين، والدُّمّل، والضرْس"، فصحح البيهقيّ أنه موقوف على يحيى بن أبي كثير.
ويؤخذ من إطلاقه أيضًا عدم التقييد بزمان يمضي من ابتداء مرضه، وهو قول الجمهور، وجزم الغزالي في "الأحياء" بأنه لا يعاد إلا بعد ثلاث، واستند إلى حديث أخرجه ابن ماجه عن أنس:"كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لا يعود مريضًا إلا بعد ثلاث"، وهذا حديث ضعيف جدًّا، تفرّد به مسلمة بن عليّ، وهو متروك، وقد سئل عنه أبو حاتم، فقال: هو حديث باطل.
قال الحافظ: ووجدت له شاهدًا من حديث أبي هريرة، عند الطبرانيّ في "الأوسط"، وفيه راو متروك أيضًا.
قال الجامع عفا الله عنه: لا ينقضي عجبي من صنيع الحافظ الذي يعتمد عليه جلّ من جاء بعده؟ كيف ساغ له أن يذكر لحديث فيه راو متروك، شاهدًا فيه راو متروك أيضًا؟ إن هذا لهو العجب العجاب.
بل الحقّ والصواب أن انفراد متروكَيْن بحديث مما يوهن أمره، لا مما يقويه، بل الظنّ أن ذلك الحديث مما عملته يداهما، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
قال: وَيلتحق بعيادة المريض تعهّده، وتفقّد أحواله، والتلطف به، وربما كان ذلك في العادة سببًا لوجود نشاطه، وانتعاش قوته.
قال: وفي إطلاق الحديث أن العيادة لا تتقيد بوقت دون وقت، لكن جرت العادة بها في طَرَفَي النهار، وترجم البخاريّ في "الأدب المفرد": "العيادةُ في الليل"، وساق عن خالد بن الربيع قال: لمّا ثَقُل حُذيفة أتوه في جوف الليل، أو عند الصبح، فقال: أيُّ ساعة هذه؟ فأخبروه، فقال: أعوذ بالله من صباح إلى النار … الحديث.