للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ونقل الأثرم عن أحمد أنه قيل له بعد ارتفاع النهار في الصيف: تعود فلانًا؟ قال: ليس هذا وقت عيادة.

ونقل ابن الصلاح عن الفُراويّ أن العيادة تستحب في الشتاء ليلًا، وفي الصيف نهارًا، وهو غريب.

ومن آدابها: أن لا يُطيل الجلوس حتى يُضجر المريض، أو يشق على أهله، فإن اقتضت ذلك ضرورة فلا بأس، كما في حديث جابر -رضي الله عنه- (١).

قال: وقد ورد في فضل العيادة أحاديث كثيرة جياد، منها عند مسلم، والترمذيّ، من حديث ثوبان -رضي الله عنه-: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خُرفة الجنة"، وخُرْفة بضم المعجمة، وسكون الراء، بعدها فاء، ثم هاء: هي الثمرة؛ إذا نَضِجت، شَبَّه ما يحوزه عائد المريض من الثواب بما يحوزه الذي يجتني الثمر، وقيل: المراد بها هنا: الطريق، والمعنى: أن العائد يمشي في طريق تؤديه إلى الجنة، والتفسير الأول أَولى، فقد أخرجه البخاريّ في "الأدب المفرد" من هذا الوجه، وفيه: قلت لأبي قلابة: ما خُرفة الجنة؟ قال: جَناها، وهو عند مسلم من جملة المرفوع.

وأخرج البخاريّ أيضًا (٢) من طريق عُمر بن الحكم، عن جابر رفعه: "من عاد مريضًا خاض في الرحمة، حتى إذا قعد استقرّ فيها"، وأخرجه أحمد، والبزار، وصححه ابن حبان، والحاكم من هذا الوجه، وألفاظهم فيه مختلفة، ولأحمد نحوه، من حديث كعب بن مالك، بسند حسن. انتهى ما في "الفتح" (٣)، وهو بحث نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.


(١) أشار به إلى ما أخرجه البخاريّ عن ابن المنكدر، سمع جابر بن عبد الله يقول: "مَرِضتُ مرضًا، فأتاني النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يعودني وأبو بكر، وهما ماشيان، فوجداني أُغمي عليّ، فتوضأ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم صبّ وضوءه عليّ، فأفقت، فإذا النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله، كيف أصنع في مالي؟ كيف أقضي في مالي؟ فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية الميراث". انتهى.
(٢) أي: في "الأدب المفرد" فتنبّه.
(٣) "الفتح" ١٣/ ٢١ - ٢٢، كتاب "المرضى" رقم (٥٦٤٩).