[تنبيه]: قال الإمام البخاريّ رحمه الله في "صحيحه": "باب وجوب عيادة المريض"، قال في "الفتح": كذا جزم بالوجوب على ظاهر الأمر بالعيادة، وتقدّم حديث أبي هريرة في "الجنائز": "حقّ المسلم على المسلم خمس … "، فذكر منها عيادة المريض، ووقع في رواية مسلم:"خمس تجب للمسلم على المسلم … "، فذكرها منها.
قال ابن بطال: يَحْتَمِل أن يكون الأمر على الوجوب بمعنى الكفاية؛ كإطعام الجائع، وفكّ الأسير، ويَحْتَمِل أن يكون للندب؛ للحثّ على التواصل، والأُلفة، وجزم الداوديّ با لأول، فقال: هي فرض يَحْمِله بعض الناس عن بعض.
وقال الجمهور: هي في الأصل نَدْب، وقد تصل إلى الوجوب في حقّ بعض دون بعض، وعن الطبريّ تتأكد في حقّ من ترجى بركته، وتسنّ فيمن يراعَى حاله، وتباح فيما عدا ذلك، وفي الكافر خلاف، قال: ونقل النوويّ الإجماع على عدم الوجوب؛ يعني: على الأعيان. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى أن القول بوجوب عيادة المريض هو الحقّ، كما هو مذهب البخاريّ رحمه الله؛ لظواهر النصوص، لا سيّما وقد صرّح في مسلم بقوله:"خمس تجب للمسلم على المسلم"، وكذا قوله:"حقّ المسلم … إلخ"، وقوله:"عودوا المريض" بلفظ الأمر، والأمر للوجوب، ولكن الظاهر من الوجوب هو الوجوب الكفائيّ، فإذا قام به البعض سقط عن الباقين، فتأمله بالإمعان، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتصل إلى المؤلّف رحمه الله أؤلَ الكتاب قال:
[٦٥٣٠](. . .) - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ في خُرْفَةِ الْجَنَّة، حَتى يَرْجعَ").
(١) "الفتح" ١٣/ ٢١ - ٢٢، كتاب "المرضى" رقم (٥٦٤٩).