للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحمّى تَعِكه وعكًا، فهو موعوك، وأوعكتِ الكلابُ الصيدَ، فهو مُوعَكٌ: إذا مرّغته في التراب، والوعكة: السقطة الشديدة في الجري، والوعكة أيضًا: معركة الأبطال في الحروب. انتهى (١).

(فَمَسِسْتُهُ بِيَدِي) بكسر السين الأولى، وفَتْحها، قال الفيّوميّ رحمه الله: مَسِسْتُهُ، من باب تَعِبَ، وفي لغة مَسَسْتُهُ مَسًّا، من باب قَتَلَ: أفضيت إليه بيدي، من غير حائل، هكذا قيَّدوه، والاسم: المَسِيسُ، مثل كَرِيم، ومَاسَّهَا مُمَاسَّة كذلك، ومَسَّتِ الحاجةُ إلى كذا: ألجأت إليه، ومَاسَّهُ مُمَاسَّةً، ومِسَاسًا، من باب قاتل: بمعنى مَسَّهُ، وتَمَاسَّا: مسّ كلُّ واحد الآخرَ، ومَسَّ الماءُ الجسدَ مَسًّا: أصابه، ويتعدى إلى ثانٍ بالحرف، وبالهمزة، فيقال: مَسِسْتُ الجسدَ بماء، وأَمْسَسْتُ الجسدَ ماءً. انتهى (٢).

(فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَجَلْ) كَنَعَم وزنًا ومعنًى، (إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ"، قَالَ) عبد الله: (فَقُلْتُ: ذَلِكَ) إشارة إلى تضاعف الْحُمَّى، (أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟) بفتح همزة "أنّ" بتقدير حرف التعليل؛ أي: لأن لك أجرين، ويَحْتَمِل أن يكون بكسرها على أن الجملة تعليليّة، (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَجَلْ"، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ) "ما" نافية، و"من" زائدة، كما قال في "الخلاصة":

وَزِيدَ فِي نَفْيٍ وَشِبْهِهِ فَجَرّْ … نَكِرَةً كَـ "كَمَا لِبَاغٍ مِنْ مَفَرّْ"

وقوله: (يُصِيبُهُ أَذًى) جملة في محل رفع صفة لـ "مسلم قال ابن العربيّ: وذِكر الأذى عبارة عما يظهر على البدن، من آثار الآلام الباطنة، من نحو تغيير لون، أو يصيبه من الأعراض الخارجة، من نحو جرح (٣)، وقوله: (مِنْ مَرَضِ) بيان لـ "أذى(فَمَا سِوَاهُ)؛ أي: غير المرض، من الهمّ، والحزن، وغير ذلكَ، ففي حديث أبي سعيد، وأبي هريرة الآتي: "مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ، وَلَا نَصَبٍ، وَلَا سَقَمٍ، وَلَا حَزَنٍ، حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ، إِلَّا كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ". (إِلَّا حَطَّ)؛ أي: أزال (اللهُ) سبحانه وتعالى (بِهِ)؛ أي: بسبب ما أصابه مما ذُكر،


(١) "المفهم" ٦/ ٥٤٤.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٧٢.
(٣) "فيض القدير" ١/ ٥١٨.