للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وترجمان القرآن، وقال عُمر - رضي الله عنه -: لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عشره منا أحدٌ، وهو أحد المكثرين السبعة من الصحابة، وأحد العبادلة، ومن فقهاء الصحابة - رضي الله عنهم -.

شرح الحديث:

عن عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ؛ أنه (قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنهما -: (أَلَا) - بفتح الهمزة، وتخفيف اللام - أداة عرض وتحضيض، ذكر ابن هشام من معاني "ألا" العرضَ، والتحضيض، وقال: معناهما: طلب الشيء، لكن العرض طلبٌ بلينٍ، والتحضيض طلب بحثّ، وتختص "ألَا" هذه بالفعلية، نحو: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: ٢٢]، و {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ} [التوبة: ١٣]. انتهى (١).

(أُرِيكَ) بضمّ الهمزة، من الإراءة، (امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ)؛ أي: مَنْ أخبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنها من أهل الجنّة، قال عطاء: (قُلْتُ: بَلَى)؛ أي: أخبرني، تقدّم أن "بَلَى" حرف إيجاب، فإذا قيل: ما قام زيد، وقلت في الجواب: بَلَى، فمعناه: إثبات القيام، وإذا قيل: أليس كان كذا؟ وقلت: بَلَى، فمعناه: التقرير، والإثبات، ولا تكون إلا بعد نفي، إما في أول الكلام كما تقدم، وإما في أثنائه؛ كقوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (٣) بَلَى} [القيامة: ٣، ٤]، والتقدير: بلى نجمعها، وقد يكون مع النفي استفهام، وقد لا يكون كما تقدم، فهو أبدًا يرفع حكم النفي، ويوجب نقيضه، وهو الإثبات (٢). (قَالَ) ابن عبّاس: هي (هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ) في رواية جعفر المستغفريّ في "كتاب الصحابة"، وأخرجه أبو موسى في "الذيل" من طريقه، ثم من رواية عطاء الْخُرَسانيّ، عن عطاء بن أبي رَبَاح، في هذا الحديث: "فأراني حَبَشيّة صفراء، عظيمة، فقال: هذه سُعيرة الأسدية". (أَتَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ) بضمّ الهمزة، مبنيًّا للمفعول، و"الصرع": علة تمنع الأعضاء الرئيسة عن انفعالها منعًا غير تامّ، وسببه ريح غليظة تنحبس في منافذ الدماغ، أو بخار رديء، يرتفع إليه من بعض الأعضاء، وقد يتبعه تشنّج في الأعضاء، فلا يبقى الشخص معه منتصبًا، بل


(١) "مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" ١/ ٢٥.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٦٢.