للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يسقط، ويَقذف بالزَّبَد؛ لغلظ الرطوبة، وقد يكون الصرع من الجنّ، ولا يقع إلا من النفوس الخبيثة منهم، إما لاستحسان بعض الصور الإنسية، وإما لإيقاع الأذية به، والأول هو الذي يُثبته جميع الأطباء، ويذكرون علاجه، والثاني يَجحده كثير منهم، وبعضهم يُثبته، ولا يعرف له علاجًا إلا بمقاومة الأرواح الخيّرة العلوية؛ لتندفع آثار الأرواح الشِّرِّيرة السُّفْلية، وتبطل أفعالها، وممن نَصّ منهم على ذلك أبقراط، فقال لمّا ذكر علاج المصروع: هذا إنما ينفع في الذي سببه أخلاط، وأما الذي يكون من الأرواح فلا، ذكره في "الفتح" (١).

(وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ) بمثناة، وتشديد المعجمة، من التكشف، وبالنون الساكنة، مخفّفًا، من الانكشاف، والمراد أنها خَشِيت أن تَظهَر عورتها، وهي لا تشعر، (فَادْعُ اللهَ لِي)؛ أي: بالشفاء من هذا الصرع. (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ)؛ أي: عليه (وَلَكِ الْجَنَّةُ)؛ أي: جزاء صبرك عليه دخول الجنّة، (وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَكِ" أي: يبرئك منه. (قَالَتْ) المرأة: (أَصْبِرُ) عليه؛ لأفوز بالجنّة. (قَالَتْ: فَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللهَ أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا) - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فلم تتكشّف بعد ذلك.

ثم أخرج البخاريّ بعدُ عن عطاء؛ "أنه رأى أمّ زُفر تلك المرأة. الطويلة السوداء على ستر الكعبة"، قال في "الفتح": قوله: "أنه رأى أم زفر" بضم الزاي، وفتح الفاء، وقوله: "تلك المرأة" في رواية الكشميهنيّ: "تلك امرأة"، وقوله: "على ستر الكعبة" بكسر المهملة؛ أي: جالسة عليها معتمدة، ويجوز أن يتعلق بقوله: "رأى". قال: ثم وجدت الحديث في "الأدب المفرد" للبخاري، ولفظه: "على سُلّم الكعبة"، فالله أعلم.

وعند البزار من وجه آخر، عن ابن عباس في نحو هذه القصة: "أنها قالت: إني أخاف الخبيث أن يُجَرِّدني، فدعا لها، فكانت إذا خَشِيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة، فتتعلق بها".

وقد أخرج عبد الرزاق، عن ابن جريج هذا الحديث مطوّلًا، وأخرجه ابن عبد البرّ في "الاستيعاب" من طريق حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم، أنه سمع طاوسًا يقول: "كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يؤتى بالمجانين،


(١) "الفتح" ١٣/ ٢٣ - ٢٤، كتاب "المرضى" رقم (٥٦٥٢).