فيَضرب صَدْر أحدهم، فيبرأ، فأُتي بمجنونة، يقال لها: أم زُفَر، فضرب صدرها، فلم تبرأ"، قال ابن جريج: وأخبرني عطاء، فذكر كالذي هنا، وأخرجه ابن منده في "المعرفة" من طريق حنظلة بن أبي سفيان، عن طاوس، فزاد: "وكان يُثني عليها خيرًا"، وزاد في آخره: "فقال: إن يتبعها في الدنيا، فلها في الآخرة خير".
قال الحافظ: وعُرِف مما أوردته أن اسمها سُعيرة وهي بمهملتين، مصغرًا، ووقع في رواية ابن منده بقاف بدل العين، وفي أخرى للمستغفريّ بالكاف، وذكر ابن سعد، وعبد الغنيّ في "المبهمات" من طريق الزبير أن هذه المرأة هي ماشطة خديجة التي كانت تتعاهد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالزيارة.
وقد يؤخذ من الطرق التي أوردتها أن الذي كان بأم زفر كان مِنْ صَرَع الجنّ، لا مِن صَرَع الخلط، وقد أخرج البزار وابن حبان من حديث أبي هريرة شبيهًا بقصتها، ولفظه: "جاءت امرأة بها لَمَمٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: ادع الله، فقال: إن شئت دعوت الله، فشفاك، وإن شئت صبرت، ولا حساب عليك، قالت: بل أصبر، ولا حساب عليّ"، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - هذا متفق عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنف) هنا [١٤/ ٦٥٤٩](٢٥٧٦)، و (البخاري) في "صحيحه" (٥/ ٢٤٠)، و (النسائي) في "الكبرى" (٤/ ٣٥٣)، و (أبو نعيم) في "الحلية" (٢/ ٧٢)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان فضل من يُصْرَع، وأن الصبر على بلايا الدنيا يورث الجنة.
٢ - (ومنها): بيان أن الأخذ بالشدّة أفضل من الأخذ بالرخصة لمن علم من نفسه الطاقة، ولم يَضْعُف عن التزام الشدّة.
٣ - (ومنها): أن فيه دليلًا على جواز ترك التداوي.
٤ - (ومنها): أن علاج الأمراض كلها بالدعاء، والالتجاء إلى الله تعالى أنجع وأنفع من العلاج بالعقاقير، وأن تأثير ذلك، وانفعال البدن عنه أعظم من