للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صحّت بذلك الأحاديث، وقد تقدّم تمام البحث في هذا، والله تعالى أعلم.

ثم ذكر وجه تسميتها بسدرة المنتهَى، فقال:

(إِلَيْهَا يَنْتَهِي) بالبناء للفاعل، والفاعل قوله: (مَا يُعْرَجُ بِهِ) ببناء الفعل للمفعول، والنائب عن الفاعل هو الجارّ والمجرور، وقوله: (مِنَ الْأَرْضِ) متعلّق بـ "يُعرج"، يعني: أنه يقف عندها كل ما يُصعد به من الأرض، من أعمال العباد والأرواح، ولا يَتَجاوزها (فَيُقْبَضُ مِنْهَا) بالبناء للمفعول أيضًا؛ أي: تقبضه الملائكة، فتوصله إلى ما أُمرت به (وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي) بالبناء للفاعل، والفاعل قوله: (مَا يُهْبَطُ بِهِ مِنْ فَوْقِهَا) ببناء الفعل للمفعول (فَيُقْبَضُ مِنْهَا) يعني: أن ما أنزل من فوق السدرة من الوحي، وغيره يقف عندها حتى تأخذه الملائكة منها، وتَنْزِل به إلى الأرض.

وحاصل المعنى: أن سدرة المنتهى غاية لوصول ما ينزل من فوقها حتى يُقبض منها، وغاية لصعود ما يُصعَد به من تحتها.

فقد تبيّن من هذا سبب تسميتها بهذا الاسم، وقيل: سُمّيت بذلك لانتهاء علم الخلق إليها، وقيل: لانتهاء أرواح الشهداء إليها، والأصحّ ما في هذا الحديث.

ثم إن ما ذُكر من وصف سدرة المنتهى بهذا الوصف، الظاهر أنه مرفوع إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ومال القرطبي إلى أنه موقوف على ابن مسعود - رضي الله عنه -، ولا يخفى بُعْده، ولو سُلّم فالوقف في مثل هذا له حكم الرفع، كما هو معلوم في محلّه، والله تعالى أعلم.

(قَالَ) ابن مسعود - رضي الله عنه - كما صرّح به في رواية الترمذيّ - موضّحًا معنى قوله تعالى: {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (١٦)} [النجم: ١٦] الظرف متعلّق بقوله: {رَآهُ} من قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)} [النجم: ١٣]، وقوله: (قَالَ) تأكيد للأول.

(فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ) أي: يغشاها فَرَاشٌ من ذهب، و"الفَرَاشُ" بفتح الفاء: الطير الذي يُلقي نفسه في ضوء السراج، واحدتها فَرَاشة.

كذا فسّر المبهم في قوله تعالى: {مَا يَغْشَى} وبالفراش، ووقع في رواية يزيد بن أبي مالك، عن أنس عند النسائيّ: أنه "جَرَادٌ من ذهب"، قال