للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البيضاويّ: وذكر الفَراش وقع على سبيل التمثيل؛ لأن شأن الشجر أن يسقط عليها الجراد وشبهه، وجعلها من الذهب؛ لصفاء لونها وإضاءتها في نفسها. انتهى.

وقال الحافظ: ويجوز أن يكون من الذهب حقيقةً، ويَخلُق الله فيه الطيَرَان، والقدرة صالحة لذلك. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الاحتمال الثاني هو المتعيّن، وأما ما قاله البيضاويّ فغير صحيح؛ لأن كلام الشارع إذا أمكن حمله على ظاهره لا يُعدَل عنه إلى غيره إلا بدليل صارف عن ظاهره، فدعوى المجاز هنا غير صحيحة، والله تعالى أعلم.

وتقدّم في رواية ثابت، عن أنس - رضي الله عنه -: "فلمّا غشيها من أمر الله تغيّرت، فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها"، وفي رواية حُميد، عن أنس عند أحمد نحوه، لكن قال: "تحوّلت ياقوتًا" (٢)، وفي حديث أبي سعيد وابن عبّاس - رضي الله عنهم -: "يغشاها الملائكة"، وفي حديث أبي سعيد، عن البيهقيّ: "على كلّ ورقة منها ملك".

(قَالَ) أي: ابن مسعود - رضي الله عنه - (فَأُعْطيَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) ببناء الفعل للمفعول، وفي رواية الترمذيّ: "فأعطاه الله عندها"، أي: عند سدرة المنتهى (ثَلَاثًا) أي: ثلاث خصال، وزاد الترمذيّ: "لم يُعْطِهنّ نبيًّا كان قبله" (أُعْطِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ) قد تقدّم البحث المتعلّق بهذا مستوفًى (وَأُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ) قيل: معناه: أُعطي إجابة دعواتها.

قال الجامع عفا الله عنه: الأَوْلى تفسيره بأن المعنى أنه أُعطي هذه الخواتيم من ذلك المحلّ الأعلى، يدلّ على ذلك ما أخرجه الإمام أحمد رحمه الله


(١) "الفتح" ٧/ ٢٥٣.
(٢) قال الإمام أحمد رحمه الله في "مسنده":
(١١٨٥٣) حدثنا محمد بن أبي عديّ، عن حميد، عن أنس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "انتهيتُ إلى السدرة، فإذا نَبِقُها مثل الجِرَار، وإذا وَرَقُها مثل آذان الفِيَلة، فلما غَشِيَها من أمر الله ما غشيها، تَحَوَّلت ياقوتًا، أو زُمُرّدًا، أو نحو ذلك".