للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ)؛ أي: الموجودين، (وَآخِرَكُمْ) ممن سيوجد، وقيل؛ أي: من الأموات والأحياء، والمراد: جميعكم، (وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ) تعميم بعد تعميم؛ للتأكيد، أو تفصيل وتبيين (١). (كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ)؛ أي: لو كنتم على غاية التقوى، بأن تكونوا جميعًا على تقوى أتقى قلب رجل واحد منكم، قاله القاري (٢).

وقال البيضاويّ؛ أي: على تقوى قلب رجل، أو على أتقى أحوال رجل واحد، قال الطيبيّ بعد نقل كلام البيضاويّ هذا: أقول: لا بُدّ من هذا التقدير ليستقيم أن يقع "أتقى" خبرًا لـ "كان"، ثم إنه لم يُرَد أن كلّهم بمنزلة رجل واحد، هو أتقى من الناس، بل كلّ واحد من الجمع بمنزلته؛ لأن هذا أبلغ؛ كقولك: ركبوا فرسهم، وعليه قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} [البقرة: ٧] في وجه.

ثم إضافة "أفعل" إلى نكرة مفردة تدلّ على أنك لو تقضيت قلب رجل رجل من كل الخلائق لم تجد أتقى قلبًا من هذا الرجل. انتهى (٣).

قال القاري بعد نقل كلام الطيبيّ المذكور ما نصّه: ولهذا فُسّر بقلب نبيّنا - صلى الله عليه وسلم -، وقلب الأشقى بقلب إبليس. انتهى (٤).

(مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا) قال القاري: "شيئًا" إما مفعول به، أو مصدرٌ، وهذا راجع إلى "لن تبلغوا"، ففي "فتنفعوني" نشر مشوّشٌ؛ اعتمادًا على فهم السامع، ولمقاربة المناسبة بين المتوسّطين، ويُسمّى ترقّيًا، وتدلّيًا، ونظيره قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} الآية [آل عمران: ١٠٦]. انتهى (٥).

(يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ)؛ أي: فجور أفجر، أو على أفجر أحواله، (قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ) زاد في بعض النُّسخ: "منكم"، (مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا) قال الطيبيّ: "شيئًا" يجوز أن


(١) "المرقاة" ٥/ ١٥٦.
(٢) "المرقاة" ٥/ ١٥٦.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٦/ ١٨٣٨ - ١٨٣٩.
(٤) "المرقاة" ٥/ ١٥٦.
(٥) "المرقاة" ٥/ ١٥٦.