للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

له لفظ "إنما"، فإنها تستدعي الحصر؛ أي: ليس نفعها، وضرّها راجعًا إليّ، بل أحصيها لكم؛ لأجازيكم بها، (فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا)؛ أي: توفيقًا للخير من ربّه، وعَمَلَ خيرٍ من نفسه، (فَلْيَحْمَدِ اللهَ)؛ أي: ليشكره على ذلك الخير؛ لأنه تعالى هو هادي الضّلّال، وموفّقهم للخيرات. (وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ)؛ أي: وجد الشرّ، (فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ") لأنه صدر من نفسه، أو لأنه باق على ضلاله الذي أشار إليه بقوله: "كلّكم ضالّ".

قال ابن تيميّة - رحمه الله -: فقد بيَّن هذا الحديث أن من وجد خيرًا بالعمل الصالح، فليحمد الله تعالى، فإنه هو الذي أنعم عليه بذلك، وإن وجد غير ذلك، إما شرًّا له عقاب، وإما عَبَثًا لا فائدة فيه، فلا يلومنّ إلا نفسه، فإنه هو الذي ظلم نفسه، وكل حادث فبقدرة الله ومشيئته. انتهى.

وقوله: (قَالَ سَعِيدٌ) هو سعيد بن عبد العزيز الراوي عن ربيعة بن يزيد، والظاهر أنه أخذه عن ربيعة؛ لأنه لم يُدرك أبا إدريس، فإنه مات سنة ثمانين من الهجرة، ووُلد سعيد سنة تسعين من الهجرة، على ما نُقل عن أبي مسهر (١)، فيكون ولادته بعد عشر سنين من موت أبي إدريس، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ) عائذ الله بن عبد الله (الْخَوْلَانِيُّ) بفتح الخاء المعجمة، وسكون الواو: نسبة إلى خَوْلان بن عمرو بن مالك بن الحارث بن مُرّة بن أُدَد بن يشجب بن عَريب بن زيد بن كهلان بن سبأ، وبعض خولان يقولون: خولان بن عمرو بن إلحاف بن قُضاعة، وهكذا قال ابن الكلبيّ، واسم خولان: أَفْكل، وهي قبيلة نزلت الشام، قاله في "اللباب" (٢). (إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ) إجلالًا لهذا الحديث القدسيّ الشريف، وتعظيمًا له، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.


(١) راجع: "تهذيب التهذيب" ٢/ ٣٢.
(٢) "اللباب في تهذيب الأنساب" ١/ ٤٧٢.