للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كما قال - عز وجل -: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل: ٧٨]، وقال لنبيّه - صلى الله عليه وسلم -: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧)} [الضحى: ٧]، والمراد: وجدك غير عالم بما علّمك من الكتاب والحكمة، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: ٥٢]، فالإنسان يولد مفطورًا على قبول الحقّ، فإن هداه الله تعالى سبّب له من يُعَلِّمه الهدى، فصار مهديًّا بالفعل، بعد أن كان مهديًّا بالقوة، وإن خذله الله قيّض له من يعلّمه ما يغيّر فطرته، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه، وينصّرانه، ويمجّسانه" (١).

وأما سؤال المؤمن من الله الهداية، فإن الهداية نوعان: هداية مجملة، وهي الهداية للإسلام والإيمان، وهي حاصلة للمؤمن، وهداية مفصّلة، وهي هداية إلى معرفة تفاصيل أجزاء الإيمان والإسلام، وإعانته على فعل ذلك، وهذا يحتاج إليه كل مؤمن ليلًا ونهارًا، ولهذا أمر الله عباده أن يقرؤوا في كل ركعة من صلاتهم قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} [الفاتحة: ٦]، وكان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعائه بالليل: "اهدني لِمَا اختُلف فيه من الحقّ بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم"، ولهذا يُشَمَّت العاطس، فيقال له: "يرحمك الله"، فيقول: "يَهديكم الله"، كما جاءت به السُّنَّة، وإن أنكره من أنكره من فقهاء العراق ظنًّا منهم أن المسلم لا يحتاج أن يُدْعَى له بالهدى، وخالفهم جمهور العلماء؛ اتّباعًا للسُّنَّة في ذلك، وقد أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عليًّا أن يسأل الله السَّدَاد، والهدى، وعَلّم الحسن أن يقول في قنوت الوتر: "اللَّهُمَّ اهدني فيمن هديت".

وأما الاستغفار من الذنوب فهو طلب المغفرة، والعبد أحوج شيء إليه؛ لأنه يخطئ بالليل والنهار، وقد تكرر في القرآن ذِكر التوبة والاستغفار، والأمر بهما، والحثّ عليهما، وخرّج الترمذيّ، وابن ماجه، من حديث أنس - رضي الله عنه - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون".

وخرّج البخاريّ من حديث أبي هريرة، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "والله إني لأستغفر الله، وأتوب إليه، كلَّ يوم مائة مرّة".


(١) متّفقٌ عليه.