للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "الفتح": قوله: "ولا يسلمه" بضم أوله، يقال: أسلم فلانٌ فلانًا: إذا ألقاه إلى الهلكة، ولم يَحمِهِ من عدوّه، وهو عامّ في كل من أسلم لغيره، لكن غَلَب في الإلقاء إلى الهلكة. انتهى (١).

(مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ)؛ أي: ساعيًا في قضائها، (كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ)؛ أي: قضاها الله تعالى له؛ إذ الجزاء من جنس العمل، (وَمَنْ فَرَّجَ) بتخفيف الراء، وتشديدها، يقال: فَرَجَ الله الغمّ يَفْرِجه، من باب ضرب: كشفه؛ كفرّجه بالتشديد، قاله المجد - رحمه الله - (٢)، وقال الفيّوميّ - رحمه الله -: فَرَّجَ اللهُ الغمّ بالتشديد: كشفه، والاسم: الفَرَجُ، بفتحتين، وفَرَجَهُ فرْجًا، من باب ضرب لغةٌ، وقد جمع الشاعر اللغتين، فقال [من البسيط]:

يَا فَارِجَ الكَرْبِ مَسْدُولًا عَسَاكِرُهُ … كَمَا يُفَرِّجُ غَمَّ الظُّلْمَةِ الفَلَقُ (٣)

وأزال (عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً) بضمّ الكاف: اسم من الكرب، والجمع كُربٌ، مثلُ غُرْفة وغُرَف (٤)، وقال في "الفتح": قوله: "كُربة"؛ أي: غُمّةً، والكَرْب: هو الغمّ الذي يأخذ النَّفْس، (فَرَّجَ) بالتخفيف، والتشديد، كما مرّ آنفًا، (اللهُ عَنْهُ بِهَا)؛ أي: بسبب تلك الكربة التي كشفها عن أخيه المسلم، (كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ) ولفظ البخاريّ: "من كربات يوم القيامة"، قال في "الفتح": الكُربات بضم الراء: جمع كُرْبة، ويجوز فتح راء كربات، وسكونها. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: يعني: أن راء "كربات" يجوز ضمّها؛ إتباعًا للكاف، وفَتْحها؛ تخفيفًا، وسكونها كذلك، وإلى هذه القاعدة أشار ابن مالك - رحمه الله - في "الخلاصة" حيث قال:

وَالسَّالِمَ الْعَيْنِ الثُّلَاثِي اسْمًا أَنِلْ … إِتْبَاعَ عَيْنِ فَاءَهُ بِمَا شُكِلْ

إِنْ سَاكِنَ الْعَيْنِ مُؤَنَّثًا بَدَا … مُخْتَتَمًا بِالتَّاءِ أَوْ مُجَرَّدَا

وَسَكِّنِ التَّالِيَ غَيْرَ الْفَتْحِ أَوْ … خَفِّفْهُ بِالْفَتْحِ فَكُلًّا قَدْ رَوَوْا

(وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا)؛ أي: رآه على قبيح، فلم يُظهره؛ أي: للناس، وليس في هذا ما يقتضي تَرْك الإنكار عليه، فيما بينه وبينه، ويُحْمَلُ الأمر في جواز


(١) "الفتح" ٦/ ٢٦١.
(٢) "القاموس المحيط" ص ٩٨٢.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٤٦٦.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٥٢٩.