للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشهادة عليه بذلك، على ما إذا أنكر عليه، ونصحه فلم يَنْتهِ عن قبيح فعله، ثم جاهَر به، كما أنه مأمور بأن يستتر إذا وقع منه شيء، فلو توجه إلى الحاكم، وأقرّ لم يمتنع ذلك، والذي يظهر أن السَّتر محله في معصية قد انقضت، والإنكار في معصية قد حصل التلبس بها، فيجب الإنكار عليه، وإلا رفعه إلى الحاكم، وليس من الغِيبة المحرّمة، بل من النصيحة الواجبة، وفيه إشارة إلى تَرْك الغيبة؛ لأن من أظهر مساوئ أخيه لم يستره، قاله في "الفتح" (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "ومن ستر مسلمًا. . . إلخ" هذا حضّ على سَتْر مَن سَتَر نفسه، ولم تَدْعُ الحاجة الدينية إلى كشفه، فأمَّا من اشتهر بالمعاصي، ولم يبال بفعلها، ولم ينته عما نُهي عنه، فواجب رفعه للإمام، وتنكيله، وإشهاره للأنام؛ ليرتدع بذلك أمثاله، وكذلك من تدعو الحاجة إلى كَشْف حالهم من الشهود، والمجرَّحين، فيجب أن يُكشف منهم ما يقتضي تجريحهم، ويحرم سترهم؛ مخافةَ تغيير الشرع، وإبطال الحقوق. انتهى (٢).

(سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ") وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، عند الترمذيّ: "ستره الله في الدنيا والآخرة"، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٥/ ٦٥٥٥] (٢٥٨٠)، و (البخاريّ) في "المظالم" (٢٤٤٢)، و (أبو داود) في "الأدب" (٤٨٩٣)، و (الترمذيّ) في "الحدود" (١٤٢٦)، و (أحمد) في "مسنده" (٢/ ٩١)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٥٣٣)، و (الطبرانيّ) في "الكبير" (١٢/ ٢٨٧)، و (القضاعيّ) في "مسند الشهاب" (١/ ١٣٢)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٦/ ٩٤ و ٨/ ٣٣٠) و"شُعب الإيمان" (٦/ ١٠٤ و ٧/ ١٠٥ و ٥٠٧)، و (أبو نعيم) في "الحلية" (٢/ ١٩٥)،


(١) "الفتح" ٦/ ٢٦٢، كتاب "المظالم" رقم (٢٤٤٢).
(٢) "المفهم" ٦/ ٥٥٨.