للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السيئة الحسنة، ووجهه عندي - والله تعالى أعلم - أنه يعطى خصماؤه من أجر حسناته ما يوازي عقوبة سيئاته، فإن فنيت حسناته؛ أي: أجر حسناته الذي قوبل بعقوبة سيئاته، أُخذ من خطاياهم، فطُرحت عليه، وطُرح في النار، كي يُعذَّب بها إن لم يُغفر له، حتى إذا انتهت عقوبة تلك الخطايا رُدّ إلى الجنة بما كُتب له من الخلود، ولا يعطى خصماؤه ما زاد من الأجر على ما قابل عقوبة سيئاته؛ لأن ذلك فضل من الله تعالى يَخُصّ به من وافى يوم القيامة مؤمنًا، والله تعالى أعلم (١).

وقال القاريّ - رحمه الله -: وهذا من ضرورة قضية العدل الثابت له تعالى بالنقل والعقل، فإن الظالم إذا أكثر من الحسنات، وثقلت موازينه منها، وغلبت على سيئاته، فإن أدخل الجنة يبقى حق المظلوم ضائعًا، وإن أدخل النار ينافي قوله تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢)} [المؤمنون: ١٠٢]، وسيأتي أن حقوق العباد مما لا يتركه الله تعالى، فلا بدّ من أحد الأمرين: إما أخْذ الحسنات، وإما وَضْع السيئات، حتى يتحقق خفة ميزان عمله، فيدخل النار، فيعذَّب بقدر استحقاقه، ثم يخرج، ويدخل الجنة بسبب الحسنات الباقية، إن كانت هناك، وإلا فببركة الإيمان، فـ {. . . إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (٣٠)} [الكهف: ٣٠]، وهذا من البراهين الواضحة المؤيَّدة بالشواهد والأدلة اللائحة. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّلَ الكتاب قال:

[٦٥٥٧] (٢٥٨٢) - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ حُجْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ - عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ").

رجال هذا الإسناد: سبعة:

١ - (يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ) المقابريّ البغداديّ ثقة عابدٌ [١٠] (ت ٢٣٤) وله سبع وسبعون سنةً (عخ م د عس) تقدم في "الإيمان" ٢/ ١١٠.


(١) "شُعَب الإيمان" ١/ ٦٨.
(٢) "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ١٤/ ٤٤١.