للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والباقون ذُكروا في الحديث الماضي، ولطائف الإسناد ذُكر هناك.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه -؛ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَتُؤَدُّنَّ) اللام فيه هي الموطّئة للقسم؛ أي: والله لتؤدنّ، بفتح الدال المشدّدة، مبنيًّا للمفعول، وقيل: بضمّها مبنيًّا للفاعل، فقوله: (الْحُقُوقُ) بالرفع على الأول على أنه نائب الفاعل، وبالنصب على الثاني على أنه مفعول به.

وقال التوربشتيّ هو على بناء المجهول، و"الحقوق" مرفوع، هذه هي الرواية المعتدّ بها، ويزعم بعضهم ضم الدال، ونَصْب "الحقوق"، والفعل مسند إلى الجماعة الذين خوطبوا به، والصحيح ما قدمناه. انتهى.

وتعقّبه الطيبيّ، فقال: إن كان الردّ لأجل الرواية فلا مقال، وإن كان بحسب الدراية، فإن باب التغليب واسع، فيكون قد غَلّب العقلاء على غيرهم، وجَعَل قوله: "حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء" غاية بحسب التغليب، كما في قوله تعالى: {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ} [الشورى: ١١]، فالضمير في {يَذْرَؤُكُمْ} راجع إلى الأناسي والأنعام على تغليب المخاطبين العقلاء على الغيب والأنعام. انتهى (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "لتؤدّنّ الحقوق. . . إلخ" هذا جواب قَسَم محذوف؛ كأنه قال: والله لتؤدن، والحقوق: جَمْع حقّ، وهو ما يَحِقّ على الإنسان أن يؤدّيه، وهو يعمّ حقوق الأبدان، والأموال، والأعراض، وصغير ذلك، وكبيره، كما قال تعالى: {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف: ٤٩]، وكما قال: {وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: ٤٧]. انتهى (٢).

وقوله: (إِلَى أَهْلِهَا) متعلّق بـ "تؤدنّ"، وكذا قوله: (يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ)؛ أي: يقتصّ (لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ) بفتح الجيم، وسكون اللام، بعدها حاء


(١) "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ١٤/ ٤٤٣، و"الكاشف عن حقائق السنن" ١٠/ ٣٢٥٥.
(٢) "المفهم" ٦/ ٥٦٤.