للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ربُّك، فمحل الكاف النصب على أنه مصدر مؤكد، {إِذَا أَخَذَ الْقُرَى}؛ أي: أهلها، وإنما أسند إليها؛ للإشعار بسريان أثره إليها، حسبما ذكر، وقرئ: "إذ أخذ"، {وَهِيَ ظَالِمَةٌ} حال من القرى، وهي في الحقيقة لأهلها، لكنها لمّا أُقيمت مقامهم في الأخذ أُجريت الحال عليها، وفائدتها الإشعار بأنهم إنما أُخذوا بظلمهم؛ ليكون ذلك عبرة لكل ظالم، {إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} وجيعٌ صَعْبٌ على المأخوذ، لا يرجى منه الخلاص، وفيه ما لا يخفى من التهديد، والتحذير. انتهى (١).

وقال أبو عبد الله القرطبيّ - رحمه الله - في "تفسيره": قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى}؛ أي: كما أخذ هذه القرى التي كانت لنوح، وعاد، وثمود، يأخذ جميع القرى الظالمة.

وقرأ عاصم الجحدريّ، وطلحة بن مُصَرِّف: "وكذلك أَخَذَ ربُّك إِذْ أَخَذَ القرى"، وعن الجحدريّ أيضًا: "وكذلك أَخْذُ ربك" كالجماعة "إِذْ أَخَذَ القرى".

قال المهدويّ: من قرأ: "وكذلك أخْذ ربك إذ أخَذ" فهو إخبار عما جاءت به العادة في إهلاك من تقدم من الأمم، والمعنى: وكذلك أخْذ ربك من أخَذه من الأمم المهلكة إذ أخَذَهم.

وقراءة الجماعة على أنه مصدر، والمعنى: كذلك أخْذ ربك من أراد إهلاكه متى أخَذه، فـ "إذ" لِمَا مضى؛ أي: حين أخذ القرى، و"إذا" للمستقبل، {وَهِيَ ظَالِمَةٌ}؛ أي: وأهلها ظالمون، فحُذف المضاف مثل: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢].

{إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}؛ أي: عقوبته لأهل الشرك موجعةٌ غليظةٌ. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "تفسير أبي السعود" ٤/ ٢٤٠.
(٢) "تفسير القرطبيّ" ٩/ ٩٥.