الجاهلية، من نصرة من يكون من القبيلة مطلقًا، سواء كان ظالِمًا أو مظلومًا.
٣ - (ومنها): وجوب نصر المسلم في حالتيه، ظالِمًا، أو مظلومًا، أما مظلومًا فظاهر بأن يُدفع عنه الظلم، وأما ظالِمًا، فبنهيه عن الظلم، والأخذ على يديه.
٤ - (ومنها): بيان ما كان عليه المنافقون من بذاءة اللسان، والجراءة على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وعلى أصحابه - رضي الله عنهم -.
٥ - (ومنها): ما كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عليه من شدّة الحِلم والصبر على ما يناله من أذيّة المنافقين.
٦ - (ومنها): أنه يستفاد من ترْك النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَتْل عبد الله بن أُبيّ، وإن كان يستحقّ القتل؛ لئلا يتحدّث الناس أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - يقتل أصحابه أن للإمام أن يترك بعض من يستحقّ القتل لمصلحةٍ مّا إذا كانت المصلحة راجحة.
وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "لا يتحدّث الناس. . . إلخ" فيه دليل على أن المنافقين الذين عُلم نفاقهم في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا مستحقين للقتل، لكن امتنع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من ذلك؛ لئلا يكون قَتْلهم منفرًا لغيرهم عن الدخول في الإسلام؛ لأنَّ العرب كانوا أهل أَنَفَةٍ وكِبْر بحيث لو قَتَل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - هؤلاء المنافقين لنَفَر من بَعُد عنهم، فيمتنع من الدخول في الدين، وقالوا: هو يقتل أصحابه، ولَغَضِب من قَرُب من هؤلاء المنافقين، فتهيج الحروب، وتكثر الفتن، ويُمْتَنَع من الدخول في الدين، وهو نقيض المقصود، فعفا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عنهم، ورَفَقَ بهم، وصبر على جفائهم، وأذاهم، وأحسن إليهم، حتى انشرح صدر من أراد الله هدايته، فرَسَخ في قلبه الإيمان، وتبيّن له الحقّ اليقين، وهَلَك عن بيّنة من أراد الله هلاكه، وكان من الخاسرين، ثم أقام النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مستصحبًا لذلك إلى أن توفّاه الله تعالى، فذهب النفاق وحكمه؛ لأنَّه ارتفع مسمَّاه، واسمه، ولذلك قال مالك: النفاق في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الزندقة عندنا اليوم، ويظهر من مذهبه أن ذلك الحكم منسوخ بقوله تعالى:{لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} إلى قوله تعالى: {وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا}[الأحزاب: ٦٠، ٦١]، وبقوله تعالى:{جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} الآية [التوبة: ٧٣]، فقد سوَّى بينهما في الأمر بالجهاد، وجهاد الكفار: قتالهم وقَتْلهم، فليكن جهاد