للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا غيبة لفاسق" (١)، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيُّ الواجد يُحِلّ عرضه، وعقوبته" (٢).

والثاني: جرحُ شاهد عند خوف إمضاء الحكم بشهادته، وجرح المحدِّث الذي يُخاف أن يُعمل بحديثه، أو يُروَى عنه، وهذه أمور ضرورية في الدين معمول بها، مجمَع من السلف الصالح عليها، ونحو ذلك ذِكر عيب من استُنصِحتَ في مصاهرته، أو معاملته، فهذا يجب عليك الإعلام بما تعلم من هَنَاته عند الحاجة إلى ذلك على جهة الإخبار، كما قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أما معاوية فصُعلوك، لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه" (٣).

وقد يكون من هذين النوعين ما لا يجب، بل يُندب إليه؛ كفعل المحدِّثين حين يُعَرِّفون بالضعفاء؛ مخافةَ الاغترار بحديثهم، وكتحريز مَن لم يسأل مخافةَ معاملة من حاله تُجهَل.

وحيث حكمنا بوجوب النصّ على الغيبة، فإنما ذلك إذا لم نجد بُدًّا من التصريح والتنصيص، فأمَّا لو أغنى التعريض، والتلويح، لَحَرُم التنصيص، والتصريح، فإنَّ ذلك أمرٌ ضروريّ، والضرورة تُقدَّر بقدر الحاجة، والله تعالى أعلم. انتهى (٤).

وقال النوويّ - رحمه الله -: تباح الغيبة لغرض شرعيّ، وذلك لستة أسباب:

أحدها: التظلُّم، فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان، والقاضي، وغيرهما، ممن له ولاية، أو قدرة على إنصافه من ظالمه، فيقول: ظلمني فلان، أو فعل بي كذا.

الثاني: الاستغاثة على تغيير المنكر، وردّ العاصي إلى الصواب، فيقول لمن يرجو قدرته: فلان يعمل كذا، فازجره عنه، ونحو ذلك.

الثالث: الاستفتاء، بأن يقول للمفتي: ظلمني فلان، أو أبي، أو أخي، أو زوجي بكذا، فهل له ذلك؟ وما طريقي في الخلاص منه، ودَفْع ظلمه عني، ونحو ذلك، فهذا جائز؛ للحاجة، والأجود أن يقول فيه: رجل، أو زوج، أو


(١) حديث مُنكَر، بل قال بعضهم: باطل.
(٢) حديث صحيح.
(٣) رواه مسلم.
(٤) "المفهم" ٦/ ٥٧٠ - ٥٧١.