للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يعلى، من حديث عائشة، ومن حديث أبي هريرة، رفعه: "من أكل لحم أخيه في الدنيا، قُرِّب له يوم القيامة، فيقال له: كله ميتًا كما أكلته حيًّا، فيأكله، ويَكْلَح (١)، ويصيح"، سنده حسن.

وفي "الأدب المفرد" عن ابن مسعود، قال: ما التقم أحد لقمة شرًّا من اغتياب مؤمن، الحديث.

وفيه أيضًا، وصححه ابن حبان، من حديث أبي هريرة، في قصة ماعز، ورَجْمه في الزنا، وأن رجلًا قال لصاحبه: انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه، فلم يَدَع نفسه حتى رُجم رجم الكلب، فقال لهما النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "كُلَا من جيفة هذا الحمار - لحمار ميت - فما نِلتما من عِرض هذا الرجل أشدّ من أكْل هذه الجيفة".

وأخرج أحمد، والبخاريّ في "الأدب المفرد" بسند حسن، عن جابر قال: كنا مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فهاجت ريح منتنة، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين".

وهذا الوعيد في هذه الأحاديث يدلّ على أن الغيبة من الكبائر، لكن تقييده في بعضها بغير حقّ قد يُخرج الغيبة بحقّ لِمَا تقرر أنها ذِكر المرء بما فيه، ذكره في "الفتح" (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر من الأدلّة أن القول الراجح أن الغيبة من كبائر الذنوب؛ لوضوح الأدلّة على ذلك، والله تعالى أعلم.

(المسألة الخامسة): في ذكر ما يُستثنى من الغيبة:

قال القرطبيّ - رحمه الله -: إذا تقررت حقيقة الغيبة، وأن أصلها على التحريم، فاعلم أنها قد تَخرج عن ذلك الأصل صُوَرٌ، فتجوز الغيبة في بعضها، وتجب في بعضها، ويُندب إليها في بعضها:

فالأُولى: كغيبة الْمُعْلِن بالفسق، المعروف به، فيجوز ذكره بفسقه، لا بغيره، مما يكون مشهورًا به؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "بئس أخو العشيرة" كما يأتي،


(١) أي: يتكشّر في عُبُوس.
(٢) "الفتح" ١٣/ ٦٠٧ - ٦٠٨.