للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ: وهكذا وقع لنا في أواخر الجزء الأول من فوائد أبي إسحاق الهاشميّ، وأخرجه الخطيب، فيُحْمَل على التعدد.

وقد حكى المنذريّ في "مختصره" القولين، فقال: هو عيينة، وقيل: مخرمة، وأما ابن الْمُلَقِّن فاقتصر على أنه مخرمة، وذكر أنه نقله من حاشية بخطّ الدمياطيّ، فقصر، لكنه حَكَى بعد ذلك عن ابن التين أنه جَوَّز أنه عيينة، قال: وصَرَّح به ابن بطال، ذكره في "الفتح" (١).

(اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -)؛ أي: بأن يدخل عليه، (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("ائْذَنُوا لَهُ) بالدخول، (فَلَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ، أَوْ بِئْسَ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ") وفي رواية معمر التالية: "بئس أخو القوم، وابن العشيرة"، وفي رواية البخاريّ: "بئس أخو العشيرة، وبئس ابن العشيرة"، والمعنى واحد، قال عياض: المراد بالعشيرة الجماعة، أو القبيلة، وقال غيره: العشيرة: الأدنى إلى الرجل من أهله، وَهُمْ وَلَد أبيه وجدّه.

وقال في "العمدة"؛ أي: بئس هذا الرجل منها، وهو كقولك: يا أخا العرب لرجل منهم، وهذا الكلام من أعلام النبوة؛ لأنه ارتدّ بعده - صلى الله عليه وسلم -، وجيء به أسيرًا إلى أبي بكر - رضي الله عنه - (٢).

(فَلَمَّا دَخَلَ) الرجل (عَلَيْهِ) - صلى الله عليه وسلم - (أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ) وفي رواية البخاريّ: "فلما جلس تَطَلّق النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في وجهه، وانبسط إليه"، و"تطلّق" - بفتح الطاء المهملة، وتشديد اللام -؛ أي: أبدى له طَلاقة وجهه، يقال: وَجْهُهُ طَلْق، وطَلِيق؛ أي: مسترسِل، منبسِط، غير عَبوس، ووقع في رواية ابن عامر: "بَشّ في وجهه"، ولأحمد من وجه آخر، عن عائشة: "واستأذن آخر، فقال: نِعْم أخو العشيرة، فلما دخل لم يهشّ له، ولم ينبسط كما فعل بالآخر، فسألته. . ."، فذكر الحديث.

(قَالَتْ عَائِشَةُ) - رضي الله عنها -: (فَقُلْتُ) بعدما خرج الرجل من المجلس: (يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْتَ لَهُ الَّذِي قُلْتَ)؛ تعني: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ائذنوا له، فلبئس أخو العشيرة"، وفي رواية البخاريّ: "فلما انطلق الرجل قالت له عائشة: يا


(١) "الفتح" ١٣/ ٥٧٩ - ٥٨٠، كتاب "الأدب" رقم (٦٠٣٢).
(٢) "عمدة القاري" ٢٢/ ١١٧.