للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقعت مرتين: مرة بعينه، ومرة بقلبه. انتهى كلام الحافظ رحمه الله (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لم يثبُت عن ابن عبّاس - رضي الله عنه - أنه قال: إنه - صلى الله عليه وسلم - رأى ربّه بعينه، إنما ورد ذلك من تفسير بعض الرواة عنه لكلامه، والذي ثبتٌ عنه - رضي الله عنه - في هذا أحاديث جزم فيها بمطلق الرؤية، وأخرى قيّد فيها الرؤية بأنها بالفؤاد، وقد سبق أن المطلق يُحمل على المقيّد" للأدلّة الأخرى.

والحاصل أن رؤية النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لربه بعينه في الدنيا ليس مما يمتنع عقلًا؛ إذ لو كان ممتنعًا لَمَا سألها موسى عليه السلام، لكن لم يَرِد نصّ صريح بأنه رآه بعين رأسه، بل وردت نصوص دالّة على نفيها، كحديث أبي ذرّ - رضي الله عنه -: "نورٌ أنّى أراه؟ "، وحديث بعض أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تَعَلَّمُوا (٢) أنه لن يَرَى أحد ربّه حتى يموت" رواه مسلم، وحديث عائشة - رضي الله عنهما -: هل رأيت ربّك؟ قال: "لا، إنما رأيت جبريل منهبطًا"، رواه ابن مردويه، وأصله في مسلم.

وخلاصة المسألة أنه قد تبيّن من مجموع ما سبق من الأدلة أن المذهب الصحيح عدم ثبوت رؤية النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ربّه بعينه ليلة الإسراء، وأن ما نُقل عن بعض السلف في ذلك محمول على الرؤية القلبيّة، كما صرّح به ابن عبّاس - رضي الله عنهما -، وغيره، أنه قال: رآه بفؤاده، فتبصّر بالإنصاف، ولا تسلك سبيل الاعتساف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:

[٤٤٠] ( … ) - (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيّ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ الله، قَالَ: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١)} [النجم: ١١]، قَالَ: رَأَى جِبْرِيلَ عليه السلام، لَهُ سِتُّ مِائَةِ جَنَاحٍ).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (حَفْصُ بْنُ غِيَاث) - بكسر الغين المعجمة، وتخفيف التحتانيّة - ابن


(١) "الفتح" ٨/ ٤٧٤ - ٤٧٥ "كتاب التفسير" رقم (٤٨٥٥).
(٢) قوله: "تَعَلَّمُوا" معناه: اعْلَمُوا.