طَلْق بن معاوية النَّخَعيّ، أبو عمر الكوفيّ القاضي، ثقةٌ فقيهٌ، تغيّر حفظه قليلًا في الآخر [٨](ت ١٩٤)(ع) تقدم في "الإيمان" ٨/ ١٣٦.
والباقون تقدّموا قبله، و"الشيبانيّ": هو سليمان بن فَيْروز.
وقوله:({مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١)})، قال أبو عبد الله القرطبيّ رحمه الله: أي لم يَكْذب قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - ليلة المعراج، وذلك أن الله تعالى جعل بصره في فؤاده حتى رأى ربه تعالى، وجعل الله تلك رؤيةً، وقيل: كانت رؤية حقيقة بالصبر، والأول: مرويّ عن ابن عبّاس - رضي الله عنهما -، وفي "صحيح مسلم" أنه رآه بقلبه، وهو قول أبي ذرّ، وجماعة من الصحاب - رضي الله عنهم -، والثانى: قول أنس، وجماعة. انتهى (١).
و"ما" في قوله: {مَا كَذَبَ} نافية، وفي قوله:{مَا رَأَى} هو موصولة بمعنى "الذي" مفعول به لـ {كَذَبَ}؛ على قراءة التشديد لأنه يتعدّى بنفسه، والعائد محذوف، أي الذي رآه، ويجوز أن تكون "ما" مصدريّة، أي رؤيته.
وأما على قراءة التخفيف، فـ {مَا} فهو على تقدير "في" الجارّة؛ لأنه يتعدّى بها، أي فيما رآه.
وقال الأَلُوسِيُّ رحمه الله: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١)} أي ما كذب فؤاد محمد - صلى الله عليه وسلم - ما رآه ببصره من صورة جبريل عليه السلام، أي ما قال فؤاده - صلى الله عليه وسلم - لَمّا رآه: لم أعرفك، ولو قال ذلك لكان كاذبًا؛ لأنه عرفه بقلبه كما رآه ببصره، فهو من قولهم: كَذَب: إذا قال كَذِبًا، فما كذب بمعنى: ما قال الكذب.
وقيل: أي ما كَذَب الفؤاد البصر فيما حكاه له من صورة جبريل عليه السلام، وما في عالم الملكوت تُدرك أوّلًا بالقلب، ثم تنتقل منه إلى البصر.
قرأ أبو رجاء، وأبو جعفر، وقتادة، والْجَحْدريّ، وخالد بن إلياس، وهشام عن ابن عامر {مَا كَذَبَ} مشدّدًا، أي صدّقه، ولم يشكّ أنه جبريل عليه السلام بصورته، وفي الآيات من تحقيق أمر الوحي ما فيها.
وقال في "الكشف": إنه لَمّا قال سبحانه وتعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ} أي من عند الله تعالى {يُوحَى} ذكر جلّ وعلا ما يُصوّر هذا المعنى، ويُفصّله ليتأكّد أنه وحي،