للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ) بكسر الصاد المهملة، وضمها: جَمْع صبيّ، (فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَتَوَارَيْتُ)؛ أي: اختفيت (خَلْفَ بَابٍ) قال القرطبيّ؛ أي: اختفيت بالباب، وكأنه استحيى من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهَابَه. (قَالَ) ابن عبّاس: (فَجَاءَ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (فَحَطَأَنِي حَطْأَةً) قال القرطبيّ - رحمه الله -: فسّره أمية بن خالد بقَفَدني قَفْدَةً، وكلاهما يحتاج إلى تفسير، فأمَّا حَطَأني: فهو بالحاء المهملة، وبالهمزة على قول شَمِر، وهو المحكيّ في الصّحاح، وهكذا قيّده أهل الإتقان، والضبط، وهو أن تضرب بيدك مبسوطة في القفا، أو بين الكتفين، وجاء به الهرويّ غيرَ مهموز، في باب الحاء، والطاء، والواو، وقال ابن الأعرابيّ: الحطو: تحريك الشيء متزعزعًا.

وأما القفد - بتقديم القاف على الفاء - فالمعروف عند اللغويين أنه المشي على صدور القدمين من قِبَل الأصابع، ولا تبلغ عَقِباه الأرض، يقال: رجل أقفد، وامرأة قفداء، هو الْقَفَد - بفتح القاف، والفاء -.

قال القرطبيّ: ولم أجد "قفدني" بمعنى "حطأني" إلا في تفسير أمية هذا.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله القرطبيّ من أنه لم يجد "قفد" بمعنى "حطأ" فيه نظر لا يخفى، فقد قال المرتضى في "التاج": قَفَدَه كضَرَبَه: صَفَع قَفَاه، وفي "الأَفْعَال" لابن القطّاع: ضَرَب رأْسَه بِبَاطِنِ كَفِّه. انتهى، فهذا قريب منه معنى الحطأة، فتأمله بالإمعان، والله تعالى أعلم.

قال: وهذا الضرب من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لابن عبّاس تأديب له، ولعله لأجل اختفائه منه؛ إذ كان حقّه أن يجيء إليه، ولا يفرّ منه.

ويَحْتَمِل أن يكون هذا الضرب بعد أن أمَره أن يدعو له معاوية - رضي الله عنه -، فلم يؤكّد على معاوية الدعوة، وتراخى في ذلك، ألا ترى قوله في المرتين: هو يأكل، ولم يزد على ذلك، وكان حقّه في المرة الثانية أن لا يفارقه حتى يأتي به، والله تعالى أعلم. انتهى (١).

(وَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("اذْهَبْ، وَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ") بن أبي سفيان الصحابيّ ابن الصحابيّ - رضي الله عنهما - المتوفّى في رجب سنة ستين، وقد قارب الثمانين، تقدّمت


(١) "المفهم" ٦/ ٥٨٧ - ٥٨٨.