للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخرج أبو داود عن عطية قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خُلق من النار، وإنما تُطفَأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ" (١).

وأخرج ابن السنيّ عن القاسم بن محمد بن أبي بكر، قال: كانت عائشة - رضي الله عنها - إذا غضبت عَرَكَ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأنفها، ثم يقول: "يا عُويش، قولي: اللَّهُمَّ رب محمد اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأَجِرْني من مُضلّات الفتن" (٢).

وأخرج ابن ماجه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما من جُرْعة أعظم أجرًا عند الله، من جُرعةِ غيظٍ، كظمها عبدٌ ابتغاءَ وجه الله". انتهى (٣).

٤ - (ومنها): ما قاله النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وأما قول هذا الرجل الذي اشتد غضبه: "هل ترى بي من جنون؟ " فهو كلام من لَمْ يفقه في دين الله تعالى، ولم يتهذّب بأنوار الشريعة المكرّمة، وتوهّم أن الاستعاذة مختصة بالمجنون، ولم يعلم أن الغضب من نزغات الشيطان، ولهذا يخرج به الإنسان عن اعتدال حاله، ويتكلم بالباطل، ويفعل المذموم، وينوي الحقد، والبغض، وغير ذلك، من القبائح المترتبة على الغضب، ولهذا قال النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للذي قال له: أوصني: "لا تغضب"، فردّد مرارًا، قال: "لا تغضب"، فلم يزده في الوصية على "لا تغضب"، مع تكراره الطلب، وهذا دليل ظاهر في عِظَم مفسدة الغضب، وما ينشأ منه.

ويَحْتَمِل أن هذا القائل: "هل ترى بي من جنون؟ " كان من المنافقين، أو من جُفاة الأعراب، والله أعلم (٤).

٥ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا الحديث يدلّ على أنَّ الشيطان


(١) حديث ضعيف.
(٢) حديث ضعيف، رواه ابن السنّيّ في "عمل اليوم والليلة" ١/ ٤٠٤.
(٣) صححه الشيخ الألباني: لغيره، راجع: "صحيح ابن ماجه" ٢/ ١٤٠١.
(٤) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٦٣.